أو أن يكون القسم بما ذكر من شدة الخيل وقوتها وحدة بصرها؛ حيث عدت في ليل مظلم، لا قمر فيه، ولا نور - عدوا يخرج النار من شدة عدوها من الحجارة التي تضرب بحوافرها ما لا يقدر الإنسان العدو في مكان مستو، فضلا أن يقدر على ذلك من الصعود والهبوط، وما ذكر من إثارة النقع من شدة عدوها، وتوسطها في العدو.
أو يذكر موافقة مرادهم وحصول غرضهم في الإغارة على عدوهم في أغفل ما يكون العدو، وهو وقت الصبح.
ثم القسم بقوله: (وَالْعَادِيَاتِ)، وما ذكر من الموريات وغيره، هو صفة العاديات ونعوتها.
وفيه بشارات ثلاثة:
أحدها: أنه لم تحدث لهم حادثة.
والثاني: الإغارة على العدو.
والثالث: أنهم قد توسطوا العدو.
ومن قال: هي الإبل، وذلك في أمر الحج، يذكر سرعة سيرها، وشدة عدوها في الليلة المظلمة التي فيها الأودية والهبوط والصعود.
ثم قوله: (فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا (2) على هذا التأويل، أي: تضرب الحجر بالحجر؛ فتخرج منه النار من شدة سيرها وعدوها، وفي الخيل شدة ضرب الحوافر على ما ذكرنا.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا (3) على هذا التأويل، يقول بعضهم: نزولهم في تلك المغارات والأودية في وقت الصبح.
والأشبه أن يكون خروجهم من تلك المغارات والأودية في ذلك الوقت؛ لأن ذلك الوقت وقت الخروج منها والدفع، لا وقت المقام.
أو يكون قد استقبلهم العدو هنالك، ومن أراد بهم الشر؛ فتكون المغيرات على الإغارة عليهم؛ إن كان ثم عدو.
(فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا (5) على هذا التأويل: الجمع في الحجج، وهو الجمع المعروف.
ومن قال: ذلك في الخيل، يكون توسطهن في جمع العدو.