وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (5):
قال الزجاج: " ما " بمعنى: " الذي "، وقد تستعمل في مثله، كقول العرب: " سبحان ما سبحت له السماوات والأرض "، أي: سبحان الذي سبحت له.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: " ما " هاهنا بمعنى " مَن "؛ كأنه يقول: والسماء ومَن بناها.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: " ما " هاهنا تجعل الفعل الماضي بمعنى المصدر، تقول: أعجبني ما صنعت، أي: أعجبني صنعك؛ فيكون معناه: والسماء وبنائها.
فإن كان التأويل على الوجهين الأولين، رجع القسم إلى اللَّه تعالى، والسماء، وإلى ما تقدم من الشمس والقمر والنهار والليل.
وإن كان على التأويل الآخر، رجع القسم إلى ما خلق وهو السماء، فإن بناء السماء عينها.
وقال أبو بكر الأصم: إن هذه الماءات في قوله: (وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا. وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا. وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا)، تخرج على التعجب، على شرط التقديم، وإن كانت مؤخرة في اللفظ؛ كأنه يقول اللَّه، تعالى: وما السماء؟ ثم أجاب: بناها بأن رفع سمكها وسواها ورفعها بغير عمد ترونها، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا (6) أي: بسطها.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7):
قالوا: تسويتها في أن خلقها باليدين والرجلين والعينين ونحوها، فإن كان على هذا فالتسوية ترجع إلى الأغلب لا إلى الجملة؛ إذ ليس لكل نفس هذه الجوارح جملة؛ فيكون معناه: أنه سوى أكثر النفوس بما ذكر من اليدين والرجلين، وذلك جائز في الكلام، وهو كقوله - تعالى -: (وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا)، (وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا)، ومعناه: أنه جعله سكنا ومقرا لأكثر الخلائق لا للجملة، وجعل النهار لأكثر الخلائق معاشا لا للجملة، واللَّه أعلم.
وقيل: سوى جوارحها وأطرافها ما لو لم يكن له جارحة من تلك الجوارح يوصف