إنسان في نفسه خاصة، لا على الاقتصار على شخص واحد؛ لما ذكرنا.
ومنهم من قال: إنما أراد بهذا الخطاب رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -؛ ذكر عن ابن مسعود وابن عَبَّاسٍ - رضي اللَّه عنهما - لكن قال ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَتَرْكَبَنَّ يا مُحَمَّد.
وقال ابن عَبَّاسٍ: لتركبن السماء حالا بعد حال.
فإن كان التأويل على ما ذكره ابن مسعود، ففيه بشارة له بإسلام قومه، وإجابتهم له؛ فيقول: إنهم سيطيعونك ويصيرون لك أنصارا بعد صدهم الناس عن الإيمان وجفوتهم إياك.
ومن قال: لَتَرْكَبَنَّ سماء بعد سماء، فيقول: ذلك ليلة أسري به.
والتأويل الأول أقرب؛ لأن موقع القسم في قوله: (لَتَرْكَبُنَّ)، والإسراء لم يكن يعرفه قومه حتى يكون في ذكره دفع الاشتباه عن أُولَئِكَ القوم، فأما ظهور الإسلام وعلو النبي على أعدائه فمما يشاهده الناس؛ فيتحقق في الآخرة ما أخبر النبي - عليه السلام - عن الغيب؛ فيكون تأكيدا لرسالته؛ فلذلك قلنا: إن الحمل على المعنى الأول أحق، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (20) الأصل أن كل من اعتقد مذهبا فإنما يعتقده لحجة تقررت عنده، أو شبهة اعترضت له، ظنها حجة، فأما أن يعتقده حرامًا، فليس يفعله، فقال اللَّه تعالى في هَؤُلَاءِ: (فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ)، أي: أي حجة لهم تمنعهم عن الإيمان باللَّه - تعالى - وبرسوله، وتدعوهم إلى الشرك والتدين به.
ثم قد ذكرنا أن ما خرج مخرج الاستفهام من اللَّه - تعالى - فحقه أن ينظر ما يقتضي ذلك الكلام من الجواب أن لو كان من مستفهم؛ فيحمل الأمر عليه، وحق جواب هذا الكلام أن نقول: لا شيء يمنعه عن ذلك؛ فقوله: (فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ)، أي: لا حجة لهم فيما اختاروا من الشرك، وإنما يتدينون به تشهيا وتمنيا؛ فيكون هذا على النفي في أن لا حجة لهم.
أو كأنه يخاطب رسوله - عليه السلام - فيقول: سلهم لماذا لا يؤمنون؟ وإذا سألهم لم يجدوا لأنفسهم حجة في الإعراض عن الإيمان؛ فيرجع الأمر إلى ابتغاء الحجة أيضا.
ثم المعتزلة احتجت علينا بهذه الآية في تثبيتهم القدرة قبل الفعل، وزعمت أنه لو لم