إلى اللَّه - تعالى - ويوم البروز بقوله - تعالى -: (وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا).
ووجه التسمية بهذه الأسامي ما ذكرنا: أن المقصود من خلق العالم العاقبة؛ فسمي: بروزا؛ لما للبروز أنشئ، وسمى: مصيرا إلى اللَّه تعالى؛ لمصيرهم إلى ما له خلقوا، وإن كان الخلق كلهم بارزين له قبل ذلك، ولم يكونوا عنه غائبين؛ فيصيرون إليه خصوصا لذلك اليوم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8) فسماه: حسابا، يسيرا؛ لوجوه:
أحدها: أن المؤمن اعتقد تصديق الرب في كل ما دعاه إليه، وإذا كان على التصديق سهل عليه تذكر ما قد عمله بتفكر الجملة.
ووجه آخر: أنه إذا نظر في كتابه رأى حسناته مقبولة وسيئاته مغفورة له، فسمي ذلك اليوم: يسيرا له؛ لما أثبت فيه من الخيرات، ومُحي عنه من السيئات، كما سميت الخيرات: يسرى، وسمي ما يجري عليها: يسرى أيضا، فكذلك من أوتي كتابه بيمينه يجري عليه الخير؛ فسمي: حسابا يسيرا.
وجائز أن يكون المسلم يحاسب في أن يذكر ما أنعم اللَّه عليه في الدنيا، ولا يحاسب حساب توبيخ وتهويل؛ بأن يقال له: لم فعلت كذا؟ والكافر يسأل سؤال توبيخ، فيقال له: لم فعلت كذا؟! على الإنكار منه لما فعل، وفي ذلك تعسير عليه.
وروي عن عائشة - رضي اللَّه عنها - أنها قالت: سمعت رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يقول: " من نوقش الحساب فهو معذب "، وفي بعضها: " من حوسب عذب " قالت: قلت: يا رسول اللَّه، ألم يقل اللَّه تعالى: (فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا. وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا)؟ قال: " يا عائش، ذاك العرض، ولكن من نوقش أن حساب هلك ".
قال الفقيه - رحمه اللَّه -: في ظاهر قوله - عليه السلام -: " من نوقش الحساب عذب " دفع لما قالته عائشة - رضي اللَّه عنها - لأن الفهم من قوله - عليه السلام -: " من نوقش الحساب " غير الفهم من قوله - تعالى -: (فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا)؛ فليس في ظاهر قوله