سُورَةُ الانْفِطَارِ، وهي مَكِّيَّة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قوله تعالى: (إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ (1) وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ (2) وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ (3) وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (4) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ (5).
قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ) قد ذكرنا أن هذا جواب عن سؤال تقدم، لم يبين السؤال عند ذكر الجواب؛ لأن (إِذَا) جواب عن سؤال " متى "؟ فجائز أن يكون سؤالهم ما ذكر في إتمام الجواب، وهو قوله: (عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ) فكأن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - سئل: متى تعلم النفس ما قدمت وأخرت؟ فنزل قوله: (إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ) الآية إلى آخرها.
ثم ذكر الانفطار هاهنا وهو الشق، وذكر الفتح في موضع آخر، وهو قوله - تعالى -: (وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا)، وقال في موضع آخر: و (وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ)، و (إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ)، فمنهم من ذكر أن شقها وانفطارها أن تفتح أبوابها.
ومنهم من حمله على الشق الذي يعرف من شق الأشياء، وهذا أقرب؛ لأن الآية في موضع التخويف والتهويل، وليس في فتح أبوابها تخويف، وإنما التخويف في انشقاقها بنفسها.
ثم السؤال عن ملاقاة الأعمال وعن علم الأنفس بها سؤال عن الساعة، وفي ذكر انفطار السماء، وانتثار الكواكب، وتفجير البحار، وتسيير الجبال، وجعل الأرض قاعا صفصفا، وصفُ أحوال الساعة وآثارها، وليس فيه إشارة إلى وقت كونها؛ لأنه ليس في التوقف على حقيقة وقتها تخويف وتهويل، وفي ذكر آثارها تخويف، وهو أنه عظم هول ذلك اليوم، واشتد حتى لا تقوم له الأشياء القوية العلية في أنفسها، وهي الجبال، والسماوات والأرضون، بل يؤثر فيها هذا التأثير، حتى تصير الجبال كالعهن المنفوش، وتصير كثيبا مهيلا، وتنشق السماء، وتصير الأرض قاعا صفصفًا، فكيف يقوم لها الإنسان الضعيف المهين؟!.