وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ) يحتمل وجهين:
أحدهما: أن يكون أصله واحدا، ثم يتشعب منه شعب ثلاث:
وجائز أن يكون في الأصل ذا شعب ثلاث تأتي كل شعبة من ناحية، ثم تجتمع، فتصير شيئا واحدا.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ (31):
أي: لا ينتفعون به ما ينتفع بالظل في الدنيا؛ لأن ظل الدنيا يهرب إليه لدفع الحر، أو ليسكن فيه؛ لأن ظل البيت مما يسكن فيه، وظل الشجر والحيطان؛ ليأووا إليه؛ للتروح، وذلك الظل لا يغني عنهم في الآخرة في دفع الحرارة ولا في غيرها.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ):
جائز أن يكونوا هربوا إلى ذلك الظل من اللهب؛ فيخبر أن ذلك الظل لا يدفع عنهم، أذى اللهب.
وجائز أن يكون اللهب في ذلك الظل، ويكون كثافة الظل ساترة عما فيها من اللهب؛ فيخبر أن سترها لا يمنع اللهب عن أن يمسهم إذا انضموا إلى الظل.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصَرِ (32) مفتوحة الصاد:
فالقراءة المعروفة قيل: يراد بالقَصْر: المعروف المبنى باللبن والخشب.
وقيل: يراد بها قصور أهل البادية، وهي أن خيام.
ومن قرأ بالنصب اختلفوا في تأويله:
عن ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: (كالقَصَر) قصر النخل؛ الواحدة: قصرة، وذلك أن النخلة تقطع قدر ثلاثة أذرع وأقصر وأطول، يستوقدون بها في الشتاء.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: هو أصل النخل المقطوع المنقعر من الأرض.
وقيل: هو أعناق النخيل.
وقيل: القصرة: اسم الخشبة التي تقطع عليها اللحوم، وتكسر العظام، تكون للقصابين.