وكذلك (فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا)؛ فإنها سبب لذلك، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (عُذْرًا أَوْ نُذْرًا (6):
أي: عذرًا من اللَّه - تعالى - وهو أن اللَّه - تعالى - أرسل الرسل، وأنزل الكتب، وبين الحجج؛ حتى لم يبق لأحد على اللَّه حجة بعد ذلك، فهذا هو الإعذار.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَوْ نُذْرًا)، أي: أنذرهم، ولم يعجل في إهلاكهم؛ بل بين لهم ما يتقى ويجتنب، وما يندب إليه ويؤتى، فهذا هو الإنذار على تأويل الرياح ما ذكرنا: أنها مذكرات نعم اللَّه تعالى ونقمته؛ فيكون في ذلك إيجاب ذكر المنعم والمنتقم؛ فيكون في ذلك إعذار وإنذار، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ (7).
فهذا موضع القسم بما ذكر من المرسلات إلى آخرها.
ثم إن كان الموعود هو البعث، فمعناه: إن الذي توعدون به من البعث لكائن، وإن كان على الجزاء والعقاب، فتأويله: إن ما توعدون به من العذاب لنازل بكم؛ فتكون الآية في قوم علم اللَّه - تعالى - أنهم لا يؤمنون.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (8).
فكأنه - واللَّه أعلم - لما نزل قوله تعالى: (إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ) سألوا رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وعن وقت وقوعه متى يكون؟ فنزلت: (فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ)، فأشار إلى الأحوال التي تكون يومئذ، لا إلى نفس الوقت، فقوله: (طُمِسَتْ)، أي: ذهب ضوءها ونورها، ثم تناثرت.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ (9):
أي: انشقت.
(وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ (10).
أي: قلعت من أصلها؛ فسويت بالأرض.
وقال الزجاج: نسفت الشيء إذا أخذته على سرعة.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ (11) وقرئ (وُقِّتَتْ)، وكذلك أصله، لكن الهمزة أبدلت مكان الواو؛ طلبا للتخفيف، وهو من التوقيت، أي: جمعت لوقت.