ومنهم من ذكر في السلسبيل، أي: سل سبيلا إلى تلك العين.
وقال قتادة: أي: سلسلة السبيل، مستعذَب ماؤها. وقيل: سلسبيلا: شديد الجرية.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ ... (19):
ذكر الولدان لا أن يكون فيها وِلَادٌ؛ ولكنهم أنشئوا ولدانا، فيخلدون كذلك، لا يكبرون، ولا يهرمون.
وجائز أن يكون الولدان ولدان الكفرة الذين ماتوا في الدنيا صغارا؛ فلا يكون لهم في الجنة آباء؛ ليرفعوا إلى درجة الآباء؛ فيجعلهم اللَّه تعالى خدما لأهل الجنة.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا):
منهم من يقول: إن اللَّه تعالى شبه حسنهم بحسن اللؤلؤ المنثور؛ إذ أحسن ما يكون اللؤلؤ إذا كان منثورا؛ فجائز أن يكون هَؤُلَاءِ الولدان فضلوا في الحسن على سائر الجواهر التي تكون في الجنة؛ كما فضل الدر في الدنيا على سائر الجواهر.
ومنهم من يقول: إنهم ما لم يطوفوا فمن رآهم حسبهم لؤلؤا منثورا، وإذا طافوا، وتحركوا، فحينئذ يعلمون أنهم ولدان.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا (20):
قيل: هما اللذان لا نعت لهما ولا وصف.
وقيل: الْمُلْك: استئذان الملائكة عليهم، وملوك الدنيا وإن علت رتبتهم لم يملكوا الاحتجاب من دخول الملائكة عليهم بغير استئذان، والملك: هو الذي له نفاذ الأمور.
وجائز أن يكون ذكر النعيم والملك الكبير على معنى أنه لا ينقطع عنهم؛ بل إذا رأيتهم أبدا رأيتهم في نعيم وملك كبير.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا (21):
جائز أن يكون أراد بالعالي ما علا من المكان الذي هم فيه، فيخبر أن في أعلى أماكنهم ثيابَ خضرٍ من سندس كما هو في المكان الذي أسفل موضع جلوسهم؛ لأنهم يكونون على الأرائك والأحجال؛ فيكون ما تحت الأحجال والأرائك من الأماكن زرابي مبثوثة؛ ونمارق مصفوفة، ويكون عاليها كذلك.
فإن كان على هذا، فلا فرق بين أن يكون فرش ذلك المكان من حرير وديباج غليظ -