(19)

فإنه هو الإله، وهو المستحق للعبادة من كل أحد.

وجائز أن يكون أريد بالدعاء العبادة؛ قال - عليه الصلاة والسلام -: " الدعاء مخ العبادة "، وقال تعالى: (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)؛ فجعل دعاءهم إياه عبادة منهم له؛ فيكون قوله: (فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا)، أي: لا تشركوا غيره معه في العبادة، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا (19):

منهم من يقول: إنهم (كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا)، على جهة الرغبة فيه والموالاة له؛ فقوله (كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا)، أي: كاد يلتصق بعضهم إلى بعض مثل اللبد ليتصلوا برسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أو (كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ)، أي: على رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، كادوا يلتصقون برسول اللَّه؛ حبا لما سمعوا من رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أو حرصا على حفظ ما سمعوا أو تعجبًا مما سمعوا؛ فكانوا يحرصون على حفظ ما سمعوا؛ لأنهم كانوا من منذري الجن؛ فحرصوا على حفظه ووعيه؛ لينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم؛ وتعجبوا مما سمعوا؛ لأنهم سمعوه من مكان لم يكن مكان قراءة الكتب، وسمعوا من الأمي الذي لم يقرأ كتابا قط، ولا عرف المكتوب؛ فتعجبوا منه أشد التعجب.

والتلبد: التصاق الشيء بالشيء التصاقا لا يفصل بعضه عن بعض، وسمي اللبد: لبدا من هذا؛ لأن الصوف يلتصق بعضه ببعض حتى لا يميز.

ومنهم من زعم أنهم فعلوا هذا؛ لشدة معاداتهم لرسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -؛ فيكون على هذا منصرفا إلى الكفرة؛ الإنس منهم والجن، فيخبر أنهم اجتمعوا وتظاهروا؛ ليطفئوا نور اللَّه، فأبى اللَّه تعالى إلا أن يتم نوره، فإن كان منصرفًا إلى الكفرة، فقوله: (لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015