وقوله - عَزَّ وَجَلَّ - (خَاوِيَةٍ).
قَالَ بَعْضُهُمْ: أي: بالية.
وقيل: الخاوية، أي: ساقطة؛ كقوله - تعالى -: (وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا) أي: ساقطة على قوائمها.
وقيل: أي: خالية، فوصفها بالخلاء لأنها أقلعت من أصلها حتى خلا ذلك المكان عنها، وأعجاز النخل: أصوله.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ - (فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ (8).
فيه أنه لم يبق لهم نسل يذكرون بهم، بل أهلكوا بأجمعهم، وانقطع نسلهم، وانقطع عنهم الذكر إلا بالسوء، وإلا كان يرى لهم باقية، ففيه أنهم استؤصلوا وعم العذاب الكبير والصغير، يخوف أهل مكة بما يخبرهم عما فعل بأُولَئِكَ، وفيه إخبار أنهم عذبوا بعذاب لا رحمة فيه، وهكذا سنة اللَّه - تعالى - في مكذبي الرسل من قبل، وجعل تعذيب هذه الأمة أن يجاهدوا ويقاتلوا، فتعذيب هذه الأمة تعذيب فيه رحمة؛ لأن الصغار منهم لا يقاتلون، والنساء لا يقاتلن، بل يسبين رجاء أن يسلمن؛ فعلى هذا يخرج قوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)، واللَّه أعلم.
ويشبه أن يكون هذا جواب قولهم: إن محمدًا صرور، أي: ليس له ولد يُبقي نسله وذكره، فأخبر - تعالى - أن كثرة الأولاد لا تغني من اللَّه شيئًا؛ إذ قد كانت لهم أهالٍ وأولاد فأهلكوا عن آخرهم، وانقطع التناسل منهم؛ ليعلموا أنه يبقى ذكر لمن أطاع اللَّه - تعالى - ورسوله، كان ثَمَّ أولاد، أو لم يكن، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ ... (9).
قرئ بكسر القاف وفتح الباء، وقرئ بنصب القاف وجزم الباء.
فتأويل القراءة الأولى: أي: جاء فرعون ومن معه من جنده وأتباعه، أو من قبله: من كان من أهل القرى التي بغرب المصر، وقد روي في الشاذ في بعض الحروف: (وجاء فرعون ومن دونه).
وجائز أن يكونوا من أتباع فرعون.
وجائز ألا يكونوا.
وتأويل القراءة الثانية: أي: جاء فرعون ومن كان متقدمًا عليه من الأمم الماضية.