وقوله - عَزَّ وَجَلَّ - (سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ (40).
يقول: فإن هم تعنتوا مع هذا كله في أن يدوموا على دعواهم من غير حجة تشهد لهم، فسلهم -أي: اطلبهم- بالزعيم، أي: من يكفل لهم أن الأمر كما يزعمون.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ - (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (41).
أي: شركاء يشفعون لهم يوم القيامة.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: أم لهم شهداء ممن عندهم كتاب يشهدون لهم بما يذكرون.
وقوله - عزَّ وجلَّ -: (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ... (42).
أي: يكشف عن موضع الوعيد بالشدائد والأهوال، والساق: الشدة، وسمي الساق: ساقًا لهذا؛ لأن الناس شدتهم في سوقهم؛ إذ بها يحملون الأحمال؛ فكنى بالساق عن الشدة.
وقيل - أيضًا - بأنهم كانوا إذا ابتلوا بشدة وبلاء كشفوا عن أسوقهم، فكنى بذكره عن الشدة، لا أن يراد بذكر الساق تحقيق الساق، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ - (وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ).
يحتمل أن يكون هذا على دعاء الحال، ويحتمل أن يكون على دعاء الأمر:
فأما دعاء الحال فهو أن من عادات الخلق أنه إذا اشتد بهم الأمر وضاق فزعوا إلى السجود، فجائز أن يكون ما حل بهم من الأهوال والشدائد يدعوهم إلى السجود، فيهمون بذلك فلا يستطيعون؛ فيكون قوله: (وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ)، أي: تدعوهم الحالة إلى السجود؛ فهذا دعاء الحال، وجائز أن يؤمروا بالسجود، ويمتحنوا به.
ثم إن كان التأويل على الأمر فيحتمل أن يكون ذلك يوم القيامة، وجائز أن يكون وقت الموت.
وإن كان على دعاء الحال فذلك يكون عند الموت.
ثم الأمر بالسجود يحتمل وجهين:
أحدهما: أن يكون على حقيقة الفعل، ويحتمل أن يكون على الاستسلام والخضوع؛ إذ السجود في الحقيقة هو الخضوع والاستسلام، وكل سجود ذكر في القرآن وأريد به عين السجود، فليس يجب بتلاوته السجود. وكل ما أريد منه الاستسلام والخضوع فهو الذي