يقصر في الطلب لوجد من يدله على معرفة الصانع ووحدانية الرب - تعالى -.
* * *
قوله تعالى: (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (34) أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36) أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (37) إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ (38) أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ (39) سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ (40) أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ (41) يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (42) خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ (43).
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ).
فيه ترغيب لمن لزم التقوى، وهو الإسلام.
وقوله: (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35).
أي: أفنجعل من جعل كل شيء سوى اللَّه تعالى لله سالمًا لا يشرك فيه أحدا، كالذي أجرم فجعل في كل شيء سالمٍ لله شركاء في العبادة والتسمية.
أو بين اللَّه تعالى أنه ولي المؤمنين وعدو المجرمين، فيقول: أفيزعم أعدائي أن أسوي بينهم وبين الأخيار، والجمع بينهم، لا يفعل ذلك؛ لأن فيه تضييع الحكمة؛ لأن الحكمة توجب التفرقة بين العدو والولي، وفي الجمع بينهما تضييعها.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36).
في أن أجعل عدوي بمنزلة وليي أو وليي بمنزلة عدوي، أو أي شيء حملكم على حكمكم هذا ولم يأتكم بهذا الحكم كتاب ولا معقول يوجب ذلك، فكيف تطمعون ذلك.
أو كيف تحكمون بالجور على ربكم؛ لأن من الجور أن يجمع بين الولي والعدو في دار الكرامة.
ثم قوله: (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ).
يستقيم أن يجعل هذا جوابا للفريقين: لمن ينكر البعث، ولمن يزعم أنه شريك أهل الإسلام في الدار الآخرة فيما يكرمون من النعيم.
فمن أنكر البعث، فالاحتجاج عليه بهذه الآية هو أن العقل يوجب التفرقة بين الولي