وليس بنا إلى أن نعرف ما بينها وكيفيتها وعددها حاجة؛ لأنه ليس في تعرفها حكم يتعلق به، واللَّه أعلم.
وقوله: (يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ).
له تأويلان:
أحدهما: ينزل الوحي بينهن، وما ينزل اللَّه تعالى من الكتب والرسل بينهن، ومعناه: أن اللَّه تعالى ذكر أمة مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أنهم لم يخصوا بمحنة الرسل والكتب والوحي، بل كل من في السماوات والأرض ممتحن بذلك.
والثاني: (يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ) يعني التكوين، ووجه ذلك: أنه لا يخلو مكان في السماوات والأرض في كل وقت من مكون يكونه اللَّه تعالى، أو محدث يحدثه، وذلك قوله: (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)؛ فيجوز أن يكون المراد بالأمر في قوله: (يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ): أمر التكوين، ومعناه: ما وصفنا، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
أي: لكي تعلموا إذا تفكرتم في خلق السماوات والأرض، وما جرى من التدبير فيهما أن من بلغت قدرته هذا المبلغ كانت قدرته ذاتية، لا يعجزه شيء عما أراده.
أو يدل هذا التدبير أنه خرج عن عالم لا يخفى عليه شيء، واللَّه أعلم.
قوله: (لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
يحتمل أوجها:
أحدها: أن اللَّه تعالى على خلق فعل كل فاعل من خلائقه قدير.
ووجه ذلك: أن اللَّه تعالى قد كان أعلمهم بخلق السماوات والأرضين بقوله: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ) فلما قال: (لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)، لم يكن بد من أن يكون هذا في غير خلق السماوات والأرضين؛ فثبت أن فيه دلالة قدرته على خلق فعل كل مخلوق.
ولأنه لما بلغ قدرته وتدبيره في السماوات والأرضين مع عظم أمرهما وشأنهما، ومع عجز البشر عن تدبير مثلهما؛ فلأن يبلغ قدرته وتدبيره فيما يقع فيه تدبير البشر -وهو أفعالهم- أحق، واللَّه المستعان.
ووجه آخر: أن يقول: (لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) بما وعد وأوعد أو على كل