وقَالَ بَعْضُهُمْ: يبعث اللَّه تعالى ملائكة عند الحشر، فيحيطون بالدنيا يكونون في أقطارها؛ فلا يستطيع شيطان ولا إنس ولا جان أن يخرج من الأقطار، ولو خرجوا كانوا في سلطان اللَّه.
وقيل: (إِلَّا بِسُلْطَانٍ) أي: الحجة.
وقال قتادة: [إلا بِمُلْكٍ].
وقال: إلا بقدرة اللَّه تعالى واللَّه أعلم.
ثم أوعدهم فقال: (يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ (35).
قرئ (شُوَاظٌ) بضم الشين وكسرها؛ روي عن الحسن بالكسر، وكذا عن مجاهد.
وقرئ (نُحَاسٌ) بكسر السين وضمه، فمن رفع (نُحَاسٌ) عطفه على قوله: (شُوَاظٌ) ومن كسره، عطفه على قوله: (مِن نَّارِ).
ثم اختلف في تأويل الشواظ والنحاس: عن ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: النحاس: الدخان.
وقيل: الشواظ: هو لهب النار، الذي لا دخان فيه، والنحاس: هو الدخان.
وعن الكلبي: الشواظ: لهب النار، والنحاس: الصفر الذي يذاب، فيعذبون به.
وقيل: الشواظ: هو الذي فيه الدخان، والنحاس: هو النحاس المعروف، يذاب ويصب على رءوسهم.
وقال الضحاك: الشواظ: الدخان الذي يخرج من اللهب، ليس بدخان الحطب، والنحاس: الصفر: فمن قرأ بالخفض يقول: لهب من نار ومن دخان، ومن قرأ بالرفع أراد به الصفر؛ يقول: يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس ذيب في النار.
وقيل: النحاس في القراءتين يحتمل الدخان، ويحتمل الصفر، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَلَا تَنْتَصِرَانِ) قيل: لا تمتنعان من ذلك.
ويحتمل: أي: لا ناصر لكما كما يكون في الدنيا.