(15)

(16)

أحدها: لتكسره ويبسه.

أو لأنه كان ذا جوف كالفخار، أو لطول المكث، وكثرة التربية؛ إذ طين الفخار له هذه الصفات، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ - (وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ (15) ذكر أنه أبو الجن، وأنه لفظ الوحدان، والجن جماعة، وكذا قال أَبُو عَوْسَجَةَ: الجان: الجن.

وقوله: (مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ) قَالَ بَعْضُهُمْ: المارج: هو لهب النار صافيًا لا دخان فيه؛ يقال: مرجت النار؛ إذا التهبت، فالمارج على هذا هو النار التي فارقت الحطب والتهبت، وارتفعت منه؛ وكذا قال أَبُو عَوْسَجَةَ: المارج - هاهنا -: اللهب، من قولك: مرج الشيء؛ إذا اضطرب، ولم يستقر، وعلى ما قَالَ بَعْضُهُمْ في قوله: (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ) إذا خلط وجمع بينهما يجيء أن يكون خلق الجان من نار غير منقطعة من الحطب، ولا خالية من الدخان؛ وكذا قال أبو عبيد: (مِن مَارِجٍ)، أي: من خلط من النار.

وعلى تأويل من قال في قوله: (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ) أي: أرسل أحدهما في الآخر، فهو يكون من نار منقطعة من الحطب.

وليس لنا إلى معرفة ذلك حاجة، إنما الحاجة إلى معرفة ما أودع من الحكمة فيما ذكر من خلق آدم - عليه السلام - من تراب، وخلق الجان من نار.

والفائدة في ذلك - واللَّه أعلم - يخبر عن قدرته: أن من قدر على خلق الإنسان من ذلك التراب وإخراج جميع ما في الدنيا من الناس من نفس واحدة، لا يحتمل أن يعجزه شيء، وكذلك ما ذكر من خلق ألوان من النار، وإخراج ما أخرج منه من النسل حتى أخذ الدنيا بأسرها لا يعجزه شيء، ولا ما لو اجتمع حكماء البشر والجن، أدركوا المعنى الذي به أنشأ الإنسان منه، وخرج هذا الخلق منه، وفي ذلك وجهان من الحكمة:

أحدهما: ما ذكرنا من القدرة على البعث:

والثاني: أن كل ما ذكر من النقل والتغير من حال إلى حال، وإخراج ما أخرج منه، لا يحتمل أن يفعل ذلك عبثا باطلا، ولو لم يكن بعث، لكان إنشاء هذا الخلق عبثا باطلا، ولا قوة إلا باللَّه.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ - (فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (16) يقول، - واللَّه أعلم -: إذا لم تنكروا شيئا من الآية أنه ليس منه فما لكم تنكرون قدرته في البعث وغيره؟!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015