وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (32).
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (18) ذكر أنباء الأوائل وما نزل بهم بالتكذيب، والعناد، وسوء معاملتهم الرسول - عليه السلام - وهو صلة قوله: (وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ)، تأويل الآية يخرج على الوجهين اللذين ذكرناهما.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ (19) قيل: باردة.
وقيل: شديدة.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ)؛ إذ استمر بهم العذاب - كما قال اللَّه عز وجل -: (سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا).
وقيل: (مُسْتَمِرٍّ) أي: ذاهب على الصغير والكبير، فلم تُبْقِ منهم أحدًا إلا أهلكته.
وقوله - عز وُجل -: (تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ (20) من الناس من قال: لما اشتدت بهم الريح، تنادوا فيما بينهم: البيوت! فدخلوها، فدخلت الريح عليهم، فأخرجتهم من بيوتهم، وألقتهم في فنائهم؛ فذلك النزع.
ومنهم من قال: تنزع مفاصلهم فتلقيهم كأعجاز نخل منقعر؛ لأنهم كانوا أطول الخلق، فذكر أن كل رجل منهم كان طوله ستين ذراعا، والنخل لا يبلغ ذلك المقدار إلا بعد قطع المفاصل؛ فجائز التشبيه بأعجاز نخل منقعر بعد انتزاع مفاصلهم، والانقعار: هو الانقلاع.
قال أَبُو عَوْسَجَةَ: (مُنْقَعِرٍ)، أي: منقطع ساقط.
ومنهم من حال: شبههم بأعجاز النخل؛ لعظم أعجازهم.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: شبههم بأعجاز النخل؛ لطولهم، ولكن ذلك بعد نزع مفاصلهم؛ لما ذكرنا.
وفي حرف حفصة - رضي اللَّه عنها -: (تنزع الناس على أعقابهم).
وقوله: (فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (21) فهو يخرج على ما ذكرنا من الوجهين، وكذا قوله: (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ).
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ (23) يحتمل الوجهين اللذين ذكرناهما:
أحدهما: (بِالنُّذُرِ) أي: بالرسل التي دعتهم إلى الإيمان باللَّه تعالى.
والثاني: كذبت بما وقعت به النذارة التي أخبرهم الرسل: أنها نازلة واقعة بهم، والله