(59)

(60)

(61)

(62)

(لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ)، ويقولون: إن لفظ التجلي والكشف إنما يستعملان فيما هو كائن ثابت يظهر عند ارتقاع التواتر، وما يخفيها إلا في الإنشاء ابتداء.

ولكن عندنا: أن حرف الكشف والتجلي يستعمل في ابتداء الإحداث والإنشاء، وفي إظهار ما كان كامنا خفيًّا، فإذا كان كذلك، بطل استدلالهم بذلك، وهو كقوله - تعالى -: (عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ)، هو عالم بما كان خفيًّا بحق الخلق وما هو شاهد ظاهر، وعالم بما يكون وبما هو كائن للحال، واللَّه الموفق.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59) وَتَضْحَكُونَ) كانوا تعَجَّبوا من أمرين:

أحدهما: من بعث الرسل؛ كقوله - تعالى -: (بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ).

ومن البعث بعدما يفنون ويتلفون؛ كقوله - تعالى - (وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا. . .) الآية.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَتَضْحَكُونَ ... (60) الضحك - هاهنا - كناية عن الاستهزاء، ليس على حقيقة الضحك.

أو يكون الضحك كناية عن السرور؛ أي: تسرون على ما أنتم عليه.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَا تَبْكُونَ) أيضًا ليس على حقيقة البكاء، ولكن كناية عن الحزن، أي: ولا تحزنون على ما فرط منكم من الأعمال وسوء الصنيع والمعاملة.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ (61) أي: لاهون، معرضون.

وعن الحسن وسعيد بن جبير: سامدون: غافلون.

وقيل: سامدون: حزنون على رسالة مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، وغائظون على ما أنزل عليه.

وعن عكرمة، عن ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في قوله - تعالى - (وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ) وقال: هو الغناء بلغة اليمن؛ يقول اليماني: اسمد لنا: أي: غن لنا؛ قال: كانوا إذا سمعوا القرآن تغنوا ولعبوا.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (62) أي: اخضعوا لله، واستسلموا له؛ إذ الأمر بالسجود عند التلاوة في غير سجود الصلاة، أمر بالخشوع له والاستسلام، والأمر بالسجود - هاهنا - للتلاوة؛ للأحاديث عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وعن الصحابة والتابعين، رضوان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015