ثم اختلفوا في قوله - تعالى -: (عَادًا الْأُولَى) منهم من قال: كانوا عادَيْنِ:
أحدهما: قوم هود، وهم أول، فأهلكوا بالريح، وكانت أخرى في زمن فارس الأول.
ومنهم من قال: عادا الأولى: الذين أهلكوا من قبل من الأمم، وأهل مكة وهَؤُلَاءِ عاد أخرى.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى (51) أي: أهلك ثمودًا أيضًا.
وقوله: (فَمَا أَبْقَى) قَالَ بَعْضُهُمْ: أي: استأصلهم لم يبق منهم أحدًا؛ أي: ما أبقى لهم نسلا يذكرون بذلك بعد هلاكهم، كما أبقى الأنبياء والرسل - عليهم السلام - من النسل.
أو ما لهم من آثار الخير شيئًا كما أبقى للرسل وأتباعهم إلى آخر الأبد، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى (52) أي: كانوا أفحش ظلما، وأكثر طغيانا؛ لأن نوحا - عليه الصلاة والسلام - دعاهم إلى توحيد اللَّه ألف سنة إلا خمسين عامًا، فما زادهم إلا نفورا واستكبارا؛ على ما أخبر: (فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا).
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى (53) قيل: قريات لوط - عليه السلام - أي: أهلكها أيضًا.
وقوله: (أَهْوَى) قيل: أي: أهوى إلى النار.
وقيل: أي: أهوى من السماء إلى الأرض؛ على ما ذكر أن جبريل - عليه السلام - رفعها إلى السماء وأرسلها إلى الأرض.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى (54).
قيل: غشاها بالحجارة بعد ذلك، فسواها بالأرض.
وقيل: غشى بالحجارة مسافريهم ومن غاب عنهم.
وقيل: المؤتفكة: المكذبة؛ من الإفك وهو الكذب.
وقيل: المنقلبة؛ ائتفكت: أي: انقلبت، (فَغَشَّاهَا) أي: غشى قريات لوط - عليه