(29)

(30)

(31)

(32)

(33)

الآخر على قرب منه ليس بينهما زمان مديد، لم يكن يبلغ إبراهيم - عليه السلام - في ذلك المقدار من الوقت ما يخبر عن إياس الولد منه؛ دل أن إسحاق هو المقدم، وأنه كان أكبر من إسماعيل - عليه السلام -.

إلا أن هذا خلاف ما عليه أهل التأويل: أن إسماعيل - عليه السلام - كان أكبر من إسحاق عليه السلام.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ (29).

ذكر هاهنا الإقبال، وقال في آية أخرى في سورة هود: (وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ)، فجائز ألا يكون على حقيقة الإقبال، ولكن لما ذكر فعلها -وهي الصرة، وصك الوجه- ذكر الإقبال، غير أن كان منها الإقبال من المكان أي: أقبلت فصكت وجهها في صرة؛ كما قال - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ)، أمر بالرؤية والنظر إلى الفعل الذي ذكر، وهو مد الظل، وإذا ذكر النفس دون الفعل، فالمراد منه النظر إلى نفسه لا غير، واللَّه أعلم؛ فعلى ذلك هذا.

ثم قوله - تعالى -: (فِي صَرَّةٍ) أي: في ضجة.

وقوله: (فَصَكَّتْ وَجْهَهَا)، أي: ضربت وجهها بيدها؛ تعجبا منها بتلك البشارة التي بشرت بالولادة.

وقوله: (وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ)، وكانت كما أخبرت عجوزا عقيما.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ ... (30) أي: على علم بالحال التي أنت عليها، بشرت بذلك، لا عن جهلٍ.

وقوله: (إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ)، أي: حكيم، واضع الولد في موضعه، العليم بمصالح الأمور وعواقبها، واللَّه أعلم.

وقوله: (قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (31) أي: ما شأنكم؟ ولأي أمر أرسلتم: بالبشارة خاصة، أو لأمر آخر، أو لهما جميعًا؟ فأجابوا: (قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (32) وقال في آية أخرى: (إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (58) إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ)، كأن الاستثناء هاهنا لم يكن مذكورا في خبر الملائكة وإنَّمَا ذكر في الخبر الذي قال إبراهيم - عليه السلام - حيث قال: (إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ)؛ فدل ذكر الثنيا منهم بعد سؤال إبراهيم - عليه السلام - وإخباره إياهم: أن فيها لوطا: أن تأخير البيان عن الكلام جائز، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ (33) دل قوله تعالى: (حِجَارَةً مِنْ طِينٍ) على أن ما ذكر في آية أخرى: (حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ) أن السجيل ليس هو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015