وعن الأصم أنه قال: الرس: كل موضع خدّ فيه؛ ولذلك سمي الخد: خدَّا؛ لجري الدمع عليه، واللَّه أعلم.
وقوله: (وَإِخْوَانُ لُوطٍ) أي: قوم لوط.
وقوله: (وَقَوْمُ تُبَّعٍ ... (14) قيل: إنه كان رجلا مسلمًا صالحًا، مدحه اللَّه - تعالى - وذم قومه، سمي: تُبَّعًا؛ لكثرة أتباعه.
ولا حاجة بنا إلى تفسيره بأنه مَن كان؟ وما اسمه؟ كما ذكر بعض أهل التأويل؛ لما لم يذكر في القرآن، ولم يثبت بالتواتر، فلا نزيد على ذلك القدر؛ احترازًا عن الكذب، والله أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ) يخوف أهل مكة أن أُولَئِكَ الذين ذكرهم جميعًا قد أهلكوا بتكذيبهم الرسل، فحق عليهم الوعيد بذلك؛ فعلى ذلك يحق عليكم ذلك الوعيد بتكذيب الرسول، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ ... (15) هو يخرج على وجهين:
أحدهما: (أَفَعَيِينَا) أي: أعجزنا عن الخلق؛ أي: حيث لم نعجز عن الخلق الأول، فكيف نسبونا إلى العجز عن الخلق الثاني؟!
والثاني: (أَفَعَيِينَا) أي: أجهلنا وخفي علينا تدبير الخلق الثاني، وابتداء تدبير الخلق الأول وإنشاؤه أشد عندكم من إعادته، والإعادة عندكم أهون، فإذا لم نعجز عن ابتداء إنشائه، ولم نجهل، ولم يخف علينا الابتداء، فأنّى نعجز عن الإعادة؟!
ثم قَالَ بَعْضُهُمْ: الخلق الأول هو آدم، عليه السلام.
وقال عامتهم: هو ابتداء خلقهم، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ) أي: هم في شك واختلاط من خلق جديد؛ لما تركوا النظر في سبب المعرفة؛ ليقع لهم العلم بذلك.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ... (16) هو يخرج على وجهين:
أحدهما: يقول: على علم منا بما تحدث به نفسه وتوسوس من أنواع الحديث والوسوسة، لا عن جهل وخفاء فعلنا ذلك، فإن هو كفَّها وحبسها عما تدعو به إليه نفسه وتهواه ويصرفها إلى ما يدعوه عقله وذهنه نجا وفاز؛ لقوله - تعالى -: (إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ