نساء؛ لأن النساء ليس لهن اختلاط مع الرجال حتى تجري السخرية بينهم، وإنما الاختلاط في الغالب بين الجنس يكون، فعلى ذلك جرى النهي بالسخرية، واللَّه أعلم.
ويحتمل أنه خص هَؤُلَاءِ بهَؤُلَاءِ كما خص القصاص في قوله: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ. . .) الآية، ثم جمع بين الأحرار والعبيد، والذكور والإناث بالمعنى الذي جمعهم فيه، وهو ما ذكر: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ)، أبان عن المعنى الذي به وجب القصاص فيما بينهم، فاشتركوا جميعًا في ذلك: الأحرار والعبيد، والذكور والإناث، فعلى ذلك ذكر المعنى الذي به نهاهم عن السخرية، وهو ما ذكر (عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ) فذلك المعنى يجمع سخرية الرجال من النساء، وسخرية النساء من الرجال، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ) واللمز: هو الطعن.
ثم منهم من يقول: هو الطعن باللسان.
ومنهم من يقول: بالشدق والشفة.
ومنهم من يقول: بالعين؛ وحاصله هو الطعن فيه.
وقَالَ الْقُتَبِيُّ: اللمز: هو العيب؛ أي: لا تعيبوا.
وقال أَبُو عَوْسَجَةَ: هو شبه العيب.
ثم قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَنْفُسَكُمْ) يحتمل وجهين:
أحدهما: (وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ) أي: تذكروا مساوئ أنفسكم عند الناس.
وفيه الأمر بالستر عليهم وعلى أنفسهم، وألا يهتكوا سترهم، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ) أي: لا تدعوا بالألقاب، والنبز: اللقب؛ يقال: نبزت فلانًا: أي: لقبته، وفي الحديث: " قوم نبزهم الرافضة " أي: لقبهم، ولو قال: (وَلَا تَنَابَزُوا) لكان كافيًا، لكن كأنه قال: ولا تظهروا ألقابهم فيسوءهم ما أظهرتم من اللقب، واللَّه أعلم.
ثم قال بعض أهل التأويل: إنما نهوا عن ذلك؛ لأنهم يسمونهم بعد إسلامهم بالأفعال التي كانوا يفعلون في حال جاهليتهم من الكفر والفسوق، ويلقبونهم بذلك،