وَأَهْلَهَا) من الأمم السالفة وأهلها، واللَّه أعلم.
أو كانوا أحق بها في الإظهار في الخلق والقيام بذلك، وكانوا أحق بها في إلزامها في أنفسهم، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا (27).
قال أهل التأويل: قوله: (صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ) أي: حقق اللَّه لرسوله الرؤيا التي أراها إياه بالحق؛ أي: بالوفاء لذلك.
ويحتمل: أي: صير النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - صادقًا عندهم فيما أخبرهم أنه رأى، وجعله صادقًا في ذلك؛ والأول أشبه.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ) هذا يخرج على وجهين:
أحدهما: على الأمر: أن ادخلوا المسجد الحرام، وإن كان في الظاهر خبرًا؛ كرؤيا إبراهيم - عليه السلام - حيث قال: (إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ)، ثم قال اللَّه - تعالى -: (افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ)، دل على أن ما رأى إبراهيم - صلوات اللَّه عليه - من الذبح هو أمر بذلك، فإن كان التأويل هذا فيخرج الثنيا المذكور فيه على أثره، كأنه يقول: ادخلوا المسجد الحرام محلقين ومقصرين إن شاء اللَّه أن تأمنوا في دخولكم، وإذا لم تأمنوا لم يشأ أن تدخلوه، واللَّه أعلم.
ويحتمل أن يكون قوله: (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ) على الوعد، فيخرج الثنيا المذكور على وجهين:
أحدهما: على التبرك والتيمن، كما يتبرك بذكر اسمه في فعل يفعله، واللَّه أعلم.
والثاني: على الأمر لكل في نفسه إذا أخبر غيره أنه يدخل أن يقول: إن شاء اللَّه، كما يؤمر بالثنيا من أخبر شيئًا أنه يفعله، كقوله - تعالى -: (وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ).
ويحتمل أن يذكر الثنيا؛ لأن الوعد في الظاهر وإن كان للجملة كقوله: (لَتَدْخُلُنَّ)، فجائِز أن يكون المراد منه بعض منهم، ليس الجملة؛ لاحتمال أن يموت بعض منهم وألا يكون هو مرادًا والمراد، الجملة، فذكر الثنيا؛ لئلا يكون خلف في الوعد من النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، ثم ما ذكر من رؤيا النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، وأخبر أنه حققها يحتمل ما ذكر من دخول المسجد الحرام على أثره، فإن كان ذلك؛ فيكون قوله تعالى: (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ) هو تفسير لتلك الرؤيا.