لَهُ كُنْ فَيَكُونُ).
والثالث: أنزلناه عَرَبِيًّا لكي يلزمهم أن يعقلوه ويتبعوه؛ ليزول عذرهم والاحتجاج على اللَّه - تعالى - أنه كان على غير لساننا، واللَّه أعلم.
وعلى هذا يخرج تأويل " لعل " في جميع القرآن أنه للتحقيق إذا كان من اللَّه تعالى.
فَإِنْ قِيلَ: فعلى التأويل الأخير، كيف يخرج قوله: (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، لا يستقيم أن يقال: لكي يلزمكم أن تفلحوا؟
قيل: معناه: لكي يلزمكم السبب الذي به تفلحون، وهو مباشرة الإيمان والطاعات، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (4).
قوله: (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ) يرجع إلى وجهين:
أحدهما: أي: القرآن في أصل الكتاب، وبه أقول، وهو اللوح المحفوظ، وأم الشيء: أصله ويسمى أم القرى مكة؛ لهذا.
والثاني: أي: القرآن في الكتب المتقدمة، فإن الأمهات سميت: أمهات؛ لتقدمها على الولد، وهو كقوله: (وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ)، وقوله - تعالى -: (إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (18) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى). وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ).
قال ابن عَبَّاسٍ: أي: هو أعلى الكتب وأحكمها وأعدلها.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: وصف كتابه بالعظمة والمنزلة والشرف عنده.
وقوله: (حَكِيمٌ) يحتمل وجهين:
أحدهما: حكيم بمعنى: محكم؛ كقوله - تعالى -: (أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ)، أي: بالحجج والبراهين.
والثاني: سماه: حكيمًا؛ لما جعل فيه من الحكمة، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ (5) اختلف في الذكر:
قَالَ بَعْضُهُمْ: القرآن.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: الرسول.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: العذاب والعقوبة.