ينفعه إيمان مؤمن، ولا يزيد في ملكه، ولا يضره كفر كافر، ولا ينقص من ملكه.
ويحتمل أن يكون قوله: (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) كقوله: (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ. . .) الآية.
ويحتمل أن يقول: له ملك السماوات والأرض؛ أي: هو يؤتي الملك من له الملك في الدنيا، وهو ينزع عمّن يشاء؛ على ما ذكر في آية أخرى: (تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ. . .) الآية.
وفيه نقض قول المعتزلة في خلق أفعال العباد منهم، وإنكارهم أن يكون فعل اللَّه - تعالى - مخافة وقوع الشرك في ذلك بينهم وبين اللَّه - تعالى - فيكون ذلك فعل اللَّه - تعالى - وفعل العبد؛ إذ هو تفسير الشركة في الشاهد.
فيقال لهم: إن اللَّه - تعالى - قال: له ملك السماوات والأرض، وقال في آية أخرى: (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ)، وقد رأينا الملوك في الدنيا، ثم لم يوجب ذلك الشركة في ملكه؛ لاختلاف المعنى والجهات؛ إذ حقيقة الملك له، ولغيره ليست حقيقة الملك، إنما له ملك الانتفاع، لا على الإطلاق؛ فعلى ذلك أفعال العباد من الخيرات خلقًا لله تعالى، فيكون على قولهم غير خالق لأكثر الأشياء مما شاء؛ وهذا لأن قوله: (يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ) إما أن خرج على الوصف بالربوبية لله تعالى والألوهية، أو على وجه الوعد والخبر بأنه يخلق ما يشاء.
فإن كان على الوصف له بالربوبية؛ فلا يكون ذلك وصف الربوبية؛ إذ لا يكون خالقًا لجزء من عشرة آلاف من الأشياء التي شاء أن يخلقها، وإن كان على الوعد والخبر فيخرج كذبًا على قولهم، فنعوذ باللَّه تعالى من السرف في القول، واللَّه الموفق.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ) يخبر - تعالى - أن الأولاد جميعًا من الذكور والإناث مواهب اللَّه - تعالى - وهداياه، فيجب أن يقبلوها منه قبول الهدايا والهبات على الشكر له والمنة، ثم بدأ بذكر الإناث ثم بالذكور؛ لأن من الناس من إذا ولد له الإناث يعدها مصيبة، ويثقل ذلك عليه، وعلى ذلك ما أخبر عن الكفرة أنهم إذا بشروا بالأنثى ظلت وجوههم مسودة بقوله - تعالى -: (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ)، يخبر عن ثقل ذلك عليهم، وغيظهم على ذلك فبدأ بذكر ذلك؛ لئلا يعد أهل الإسلام الأولاد الإناث مصيبة وبلاء على ما عدها الكفرة، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (50) التزويج: هو الجمع بين الشكلين