الأرحام ويفرق القرابات، حتى فرق بين من أجابه إلى ما دعاه إليه وبين من لم يجبه، من الوالد والولد، والزوج والزوجة، ونحو ذلك؛ فقال عند ذلك: لا أسألكم عليه أجرًا، ولا أدعوكم إلى قطع الأرحام والقرابات؛ بل ما أطلب منكم إلا صلة الأرحام بما دعوتكم إليه.
ويحتمل أن يقول: لا أسألكم على ما أدعوكم إليه أجرًا، ولا أقبله منكم إن أعطيتموني، إلا أن تصلوني بحق القرابة والرحم التي بيني وبينكم فأقبله منكم، وقد كان بينه وبينهم قرابات ورحم.
ويحتمل ما قال الحسن فقال: واللَّه ما كان نبي اللَّه - تعالى - يسأل على هذا القرآن أجرًا، ولكنه أمر أن يتقربوا إلى اللَّه تعالى بطاعته وحبّ كتابه، فكان معنى الآية: (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى)، أي: إلا التقرب إلى اللَّه - تعالى - والتودد بالعمل الصالح.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) إلا أن تودوني لأجل قرابتي كما تودون لقرابتكم وتواصلون بها، ليس هذا الذي جئت به يقطع ذلك عني، ولست أبتغي على الذي جئت به أجرًا آخذه منكم على ذلك.
وقال قتادة: إن اللَّه - تعالى - أمر محمدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - ألا يسأل على هذا القرآن والتبليغ أجرًا: (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) إلا أن يصلوا ما بينه وبينهم من القرابة، وكل بطون قريش بينه وبينهم قرابة.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: إلا أن تودّوا قرابتي.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: قال رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " إن لم تتبعوني إلى ما أدعوكم إليه وآمركم به فاحفظوني في قرابتي " وأصله ما ذكرنا، واللَّه أعلم.
وقوله: (وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا) هو كقوله - تعالى -: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ)، واللَّه أعلم.
قال أَبُو عَوْسَجَةَ: الاقتراف: الاكتساب، والمقارفة: المعاشرة، وقرف فلان فهو مقروف؛ أي: اتهم بشيء.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ)، قوله (غَفُورٌ) أي: يغفر لهم وإن لم