(72)

(73)

(74)

فمن رفعها يقول: معناه: إذ جعل الأغلال والسلاسل في أعناقهم يسحبون بها في الحميم.

ومن قال بالخفض فتأويله: إذ الأغلال في أعناقهم وفي السلاسل، أي: يجعل الأغلال في السلاسل، فيسحبون بها في الحميم.

ومن قال بالنصب كأنه قرأه: (إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون. في الحميم) أي: يسحبون السلاسل في الحميم.

وقوله: (يُسْحَبُونَ) أي: يجرون، والحميم: قد مر تأويله، وهو ما يشرب منه وقد انتهى حره غايته.

وقوله: (ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ (72) أي: يوقدون، ذكر ما يسقون فيها وهو الحميم، وذكر ما يحرقون به.

قال أَبُو عَوْسَجَةَ: (يُسْحَبُونَ) أي: يجرون، وصرفه: أسحب، يسحب إسحابًا، أي: جرًّا.

وقوله: (يُسْجَرُونَ) أي: يوقدون بهم، يقال: سجرت، أي: أوقدت فيه، وصرفه: سجر يسجر سجرًا.

وقوله: (ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ (73) مِنْ دُونِ اللَّهِ ... )

ظاهر هذه الآية: أن هذا القول لهم بعدما دخلوا النار؛ لأنه ذكر على أثر قوله: (إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ. فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ)، فظاهرها أن قوله: (ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ. مِنْ دُونِ اللَّهِ) بعد دخولهم النار، وظاهر قوله بعد هذا متصلا به: (ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) - على أن ذلك القول إنما يقال لهم قبل أن يدخلوا النار.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئًا ... (74)

هذا القول منهم يخرج على وجهين:

أحدهما: على إنكارهم وجحودهم عبادة الأصنام التي عبدوها في الدنيا وأشركوها إياه في ألوهيته؛ وهو كقوله: (ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ. . .) الآية، وقوله: (فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ)، أنكروا ما كان منهم، وأقسموا على ذلك، وهذا يدل على أن الآية لا تضطر أهلها إلى قبول الآيات والتصديق لها؛ لأنهم أنكروا أن يكونوا مشركين بعدما عاينوا العذاب وظهر لهم خطؤهم وكونهم على الباطل، ثم لم يمنعهم ما عاينوا من الكذب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015