والربوبية، وهو على ما ذكر من قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا)، وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)، (وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ)، وقوله: (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ)، ونحو ذلك، ذكر البروز له والرجوع إليه والمصير، وإن كانوا في الأحوال كلها بارزون له، راجعون إليه، صائرون، والملك له في الدارين جميعًا، خص البروز والرجوع إليه والملك له؛ لما يومئذ يظهر المحق لهم من المبطل، ويومئذ أقروا جميعًا بالتوحيد له والملك؛ فعلى ذلك يحتمل إشراق الأرض وإضاءتها لما ترتفع السواتر يومئذ وتزول الشبه، وتظهر الحقائق، واللَّه أعلم.
أو أن يكون إشراقها بإظهار لكل ما عمل في الدنيا من خير أو شر، وعرفه يومئذ، وإن كان في الدنيا لم يظهر ولم يعرف مما عمل من خير وشر؛ كقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا. . .) الآية، واللَّه أعلم.
أو أن تكون أرض الآخرة مضيئة مشرقة لما لا يُعْصى عليها الرب - تعالى عَزَّ وَجَلَّ - وأرض الدنيا مظلمة بعصيان أهلها عليها الربَّ - عَزَّ وَجَلَّ - وذلك كما روي في الخبر أن الحجر الأسود أُنزل من الجنة ككذا، صار أسود لما مسته أيدي الخاطئين العاصين، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (بِنُورِ رَبِّهَا) قَالَ بَعْضُهُمْ: بعدل ربها؛ أي: رضًى بعدل ربها، وهو ما قال - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ) أي: بالعدل، واللَّه أعلم.
وجائز ما ذكر بنور أنشأه وجعله فيها، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَوُضِعَ الْكِتَابُ)، وقال - عَزَّ وَجَلَّ - في آية أخرى: (وَوَضَعَ الْمِيزَانَ)، فجائز أن يكون الكتاب الذي ذكر أنه وصفه هو ذلك الميزان، فيكونان واحدًا.
وجائز أن يكون الكتاب غير الميزان.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: الكتاب هو الحساب بما قد حفظ عليهم ولهم من خير أو شر محذور فيه.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: هو الكتاب الذي يوضع في أيديهم يومئذ، فيه ما عملوا يقرءونه،