كفل، فسمي: ذا الكفل لذلك، واللَّه أعلم.
وليس لنا إلى معرفة ذلك حاجة أنه لماذا؟ وأن اليسع كان فلانًا سوى أن نعرفهم أنهم من الأخيار على ما ذكر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، واللَّه أعلم.
وبعد فإن معرفة ذلك بأخبار الآحاد يوجب علم العمل ولا يوجب علم الشهادة، وليس هاهنا سوى الشهادة على اللَّه، والترك أولى.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ - (هَذَا ذِكْرٌ ... (49)
يحتمل قوله: (هَذَا ذِكْرٌ)، أي: شرف وذكر للذي تقدم ذكرهم من الأخيار؛ لأنهم يذكرون أبدًا بخير وحسن الثناء عليهم بما كان منهم من حسن السيرة والعمل، فذلك شرفهم حيث صاروا مذكورين على ألسن الناس وهم أموات.
أو أن يكون ذكر هَؤُلَاءِ ذكرى وعظة لمن بعدهم.
أو ذكرى لك وعظة لتعرف حسن معاملة الرب لهم.
أو هذا القرآن ذكر وعظة لمن آمن به، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ).
جملة الاتقاء: هو أن يتقي المهالك، أي: اتقوا جميع ما يهلككم (لَحُسْنَ مَآبٍ)، أي: مرجع، ثم بين ووصف حسن المرجع الذي يرجعون إليه حيث قال - عَزَّ وَجَلَّ -: (جَنَّاتِ عَدْنٍ ... (50).
قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (جَنَّاتِ عَدْنٍ).
أي: مقام، يقال: عدن في مكان كذا، أي: أقام، كأنه جنات يقام فيها لا يبغون عنها حولا ولا غَيرًا على ما أخبر اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا).
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (عَدْنٍ) الذي هو وسط الشيء كأنه ذكر أن جنة عدن كانت وسط الجنان، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ).
يحتمل قوله: (مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ) أبواب الجنة، يقال له: ادخل أي باب من أبوابها شئت على ما يقوله بعض الناس.
وجائز أن يكون أبواب كل أحد منهم في الجنة تكون مفتحة؛ لأن إغلاق الأبواب إنما يكون في الدنيا إما لخوف السرقة أو نظر الناس إلى أهله وحرمه، وخوف نظر أهله إلى الناس؛ لهذا المعنى يتخذ الأبواب في الدنيا والغلق والإغلاق دونهم، وليس ذلك المعنى في الجنة؛ لما أخبر أن أزواجهم يكن قاصرات الطرف لا ينظرن إلى غير أزواجهن ولا