وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ).
قيل: في تكبر وتكذيب، وقيل: في حمية وخلاف، وقيل: في غفلة، ونحوه.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَنَادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ).
قَالَ بَعْضُهُمْ: أي: هربهم في غير وقت الهرب، و (مَنَاصٍ): مهرب، وناص ينوص نوصًا: وهو المنجى والغوث.
وقَالَ الْقُتَبِيُّ: (وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ) أي: لا حين هرب؛ على ما قال أَبُو عَوْسَجَةَ، وقال: النوص: التأخر في الكلام، والنوص: المتقدم، وأصله ما ذكرنا: أن ذلك الوقت ليس هو وقت المهرب، ولا وقت المنجى ولا وقت الغوث على ما تقدم ذكره.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ).
قَالَ بَعْضُهُمْ: (عُجَابٌ) بلغة قوم: عجب.
وقال الكسائي: العُجَاب والعِجَاب والعجيب والعجب كلها لغات واحدة.
وقال أَبُو عَوْسَجَةَ: (عُجَابٌ) هو يكثر للعجب كما يقال: كبار وكبار.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ).
أي: الأشراف منهم، وقالوا: للأتباع على ما ذكرنا (أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ)، قال بعضهم: قوله: (أَنِ امْشُوا) إلى أبي طالب واثبتوا على عبادة آلهتكم (إِنَّ هَذَا): قال بعضهم: بقبول إسلام وذلك كان حين أسلم عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بشيء أي لأمر يراد، فمشوا إلى أبي طالب، وقالوا له ما ذكرنا فيما تقدم والقصة طويلة.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (أَنِ امْشُوا) أي: امضوا وارجعوا إلى عبادة آلهتكم واصبروا عليها.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: قوله: (أَنِ امْشُوا) من عند مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - واصبروا على عبادة آلهتكم (إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ) يا أهل مكة، واللَّه أعلم.
وقوله: (مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ).
يعنون: عبادة إله واحد وترك عبادة آلهة في الملة الآخرة.
قال عامة أهل التأويل): (الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ): النصرانية واليهودية كليهما.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: يعنون (الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ) الملة التي هم عليها، وآثارهم، يقولون: ما سمعنا عبادة إله واحد وترك عبادة الآلهة في الدِّين الذي نحن وآباؤنا عليه (إِنْ هَذَا) أي: ما هذا (إِلَّا اخْتِلَاقٌ) من نفسه، وقالوا: (أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا) يعنون: النبوة