وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَرَاغَ)، عليهم ضربًا باليمين أي: ضربهم ضربًا باليمين.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ (91)
أي: فراغ إلى ما اتخذوا هم، وسموها آلهة، ذكرها على ما عندهم وعلى ما اتخذوها هم وإلا لم يكونوا آلهة، وكذلك قول موسى: (وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا) أي: انظر إلى إلهك الذي هو عندك، وإلا لم يكن هو إلهًا.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ).
كأن طعامًا كان موضوعًا بين يديها؛ لذلك قال: ألا تأكلون؟!
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ (92)
بحوائجكم، أو يشبه أن يكون قوله: (مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ): أنه من فعل بها ما فعل؛ كقوله: (أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ (62) قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ)، عمن فعل بهم هذا، سفه قومه في عبادتهم الأصنام، وهي لا تأكل ولا تنطق ولا تملك دفع من قصد بها ضررا، فكيف تطمعون شفاعتها لكم في الآخرة وهي لا تملك ما ذكر؟! واللَّه أعلم؛ وهو كقوله: (قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (72) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ). وقوله: (فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ (93) أي: مال ورجع عليهم.
وقوله: (ضَرْبًا بِالْيَمِينِ) اختلف فيه:
قَالَ بَعْضُهُمْ: ضربًا مألوفًا ليمينه التي كانت منه حيث قال: (وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ)، واللَّه أعلم.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (ضَرْبًا بِالْيَمِينِ) بالقوة، وقد يعبر باليمين عن القوة كما يعبر باليد عن القوة.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (ضَرْبًا بِالْيَمِينِ)، أي: بيده اليمنى نفسها، على ما يعمل المرء أكثر أعماله باليمين.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ - (فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ (94)
ظاهر هذا أنهم أقبلوا إليه وقت ما كسرها وفعل بها ما فعل، لكن في آية أخرى ما يدل أن إقبالهم إليه كان بعد ما خرج من عندها وغاب وكان بعد ذلك بزمان؛ ألا ترى أنهم قالوا: (مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ (59) قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ) الآية، ولو كانوا أقبلوا إليه مزفين وهو عندها حاضر لم