الشجر، فكيف يكون فيها شجر؟! إنكارًا لها وتكذيبًا بها.
والثاني: ما ذكر بعضهم: أن الزقوم هو الزبد والتمر، صار ذلك فتنة لهم؛ لما ذكرنا وسببًا لعذابهم، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا ... (66)
أي: من الشجرة الزقوم، ذكر أنها تخرج من أصل الجحيم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ).
جائز أن يشدد اللَّه عليهم الجوع حتى يأكلوا منها فيملئون بطونهم منها؛ كقوله - عز وجل -: (فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ)، وهي الإبل التي تملأ بطونها من المسايم، لا يغني ذلك الشرب وهو الحميم، ولا يدفع عنهم العطش الذي يكون بهم؛ فعلى ذلك ما جعل طعامهم من تلك الشجرة؛ كقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ. طَعَامُ الْأَثِيمِ. . .) الآية، إنهم وإن ملئوا بطونهم فإن ذلك لا يدفع عنهم الجوع؛ كقوله: (لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ)، واللَّه أعلم.
(ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا ... (67)
وفي حرف عبد اللَّه بن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: (ثم إن مقيلهم لإلى الجحيم).
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ).
أي: ثم إن لهم على تلك الشجرة التي جعل طعامهم منها خلطًا من حميم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ (68)
أي: ثم إن مردهم، أي: ثم إنهم يردون إلى الجحيم لا أنهم يرجعون بأنفسهم، ولكن يردون فيها؛ كقوله: (ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ)، هم لا يدخلون فيها ولكن يدفعون فيها؛ كقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا)، والجحيم: هو معظم النار على ما ذكرنا، يقال: نار جاحمة، أي: عظيمة.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ (69)
أي: وجدوا آباءهم ضالين.
(فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ (70)