ذلك: (مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ).
ثم قال: (مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ (49)
أي: ما ينظرون لإيمانهم إلا ذلك الوقت، يقول - واللَّه أعلم -: إنهم إذا بلغوا ذلك الوقت وعاينوا ذلك، فعند ذلك يؤمنون، لكن لا ينفعهم الإيمان في ذلك الوقت؛ لقوله: (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ).
وقوله: (تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ).
يخبر عن سرعة قيام الساعة وغفلة أهلها عنها؛ كقوله: (فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً).
أي: فجأة، وهم لا يشعرون، وعلى ذلك روي في بعض الأخبار عن نبي اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قال: " تقوم الساعة والرجلان يتبايعان الثوب، فلا يقومانه حتى تقوم الساعة ".
وعن أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في قوله: (فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ (50)
فقال: " تقوم الساعة والناس في أسواقهم يحلبون اللقاح، ويذرعون الثياب، ويتبايعون وهم في حاجاتهم "، وعن الزبير بن العوام - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: " أن الرجلين ليتبايعان إذ نادى مناد: قد قامت الساعة " ونحوه.
وقوله: (فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً).
أي: وصية؛ وكذلك ذكر في حرف حفصة وأبي، أي: فلا يستطيعون وصية.
وقوله: (تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ).
يحتمل ما ذكرنا أن الساعة تقوم وهم على ما كانوا عليه من قبل في البياعات والخصومات والمنازعة وعلى ذلك جاءت.
ويحتمل (تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ) أي: يختصمون في الساعة والبعث أنها لا تقوم ولا تكون؛ لأنهم كانوا أينكرونها، ودل قوله: (فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ) أن