قَالَ بَعْضُهُمْ: من كان يريد القوة والمنعة بعبادة الأصنام ومن عبدوا دونه، فلله العزة جميعًا، أي: فبعبادة اللَّه وطاعته ذلك في الدنيا والآخرة، أي: فمن عنده اطلبوا ذلك عند اللَّه من كان يريد ثواب الدنيا والآخرة، أي: من عنده اطلبوا ذلك في الدنيا والآخرة.
وقال بعصْهم: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ) أي: العزة والتعزيز (فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا)، أي: فباللَّه يكون عز الدنيا والآخرة لا بالأصنام التي عبدتموها، وقد كان بعبادتهم الأصنام طلب الأمرين: طلب العز؛ كقوله: (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا) وطلب القوة والمنعة؛ كقوله: (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ)، فأخبر أن ذلك إنما يكون باللَّه وبطاعته، فمِن عِنده اطلبوا لا من عند من تعبدون دونه، واللَّه أعلم.
وقوله: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ).
اختلف فيه:
قال قائلون: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) هو الوعد الحسن، (وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) هو إنجاز ما وعد، أي: إذا أنجز ما وعد من الوعد الحسن، ووفى ذلك الإنجاز الوعدَ الحسنَ وعدْ.
قَالَ بَعْضُهُمْ: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) هو كلمة التوحيد وشهادة الإخلاص، (وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) أي؛ إخلاص التوحيد لله يرفع الكلم الطيب الذي تكلم به؛ فعلى هذا التأويل أي: يصعد الكلم الطيب إليه ما لم يخلص ذلك إلا لله.
وقال قائلون: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) هي كلمة التوحيد على ما ذكرنا، (وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) أي: يرفع اللَّه العمل الصالح لصاحبه - يعني: لصاحب الكلام الطيب - فعلى هذا التأويل: يصعد الكلم الطيب إليه دون العمل الصالح.
وبعض أهل التأويل قال: يرفع الكلام: التوحيد، الطيب: العمل الصالح - إلى اللَّه، وبه يتقبل الأعمال الصالحة.
وظاهر الآية أن يكون العمل الصالح هو الذي يرفع الكلم الطيب، لكن الوجه فيه - واللَّه أعلم - ما ذكرنا من الوجوه.
وبعضهم يقول: إن العمل الصالح يرفع الكلام الطيب، والوجه فيه ما ذكرنا.