وقَالَ بَعْضُهُمْ في قوله: (وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ): هو قولهم: هو ساحر هو شاعر كاهن.
والتناوش عند عامة أهل التأويل: التناول.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: الرجعة والرد إلى الدنيا.
قال أَبُو عَوْسَجَةَ: التناوش: التناول من موضع بعيد لا يكون من قريب.
والْقُتَبِيّ يقول: (وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ)، أي: تناول ما أرادوا بلوغه وإدراك ما طلبوا من التوبة من الموضع الذي لا يقبل فيه التوبة.
قال أبو معاذ والزجاج: الناش في كلام العرب: الطلب، تقول: ناشت إليه، أي: طلبت منه، لكن هذا ليس من باب التناوش.
وقوله: (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ).
هو ما ذكرنا من اختلافهم: منهم من قال: بين الإيمان والتوبة، ومنهم من قال: بين شهواتهم التي كانت لهم في الدنيا، لكن كأنه على الإيمان والتوبة، فإنما حيل بينهم وبين القبول للإيمان والتوبة، وإلا نفس الفعل قد أتوا به، وإن كان على الشهوات فهو على حقيقة حيلولة الفعل، وكذلك إن كان على تخريب البيت على ما يقوله بعض أهل التأويل، واللَّه أعلم.
وقوله: (كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ).
قال أَبُو عَوْسَجَةَ: (بِأَشْيَاعِهِمْ): أمثالهم وأشباههم، فهو - واللَّه أعلم - بأشباههم وأمثالهم في التكذيب والجحود.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: هو من شيعة الرجل.
وقوله: (إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ)، من العذاب بأنه غير نازل بهم.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: إنهم كانوا في شك من البعث والإحياء بعد الممات وشكهم وريبهم؛ لما استبعدوا الإحياء بعد الهلاك وبعدما صاروا رمادًا، فمن هذه الحجة أنكروا، ثم لم يروا خلق الشيء للفناء خاصة، لا لعاقبة وحكمة، فارتابوا في ذلك، واللَّه أعلم بالصواب.
* * *