(51)

قَالَ بَعْضُهُمْ: (سَمِيعٌ) أي: مجيب للداعي؛ كقوله: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ. . .) الآية. وقَالَ بَعْضُهُمْ: (سَمِيعٌ) لمقالتكم لمُحَمَّد، حيث قالوا له: لقد ضللت حين تركت دين آبائك، (قَرِيبٌ)، أي: مجيب له.

وقيل: (سَمِيعٌ) الدعاء (قَرِيبٌ) الإجابة، واللَّه أعلم.

* * *

قوله تعالى: (وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (51) وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (52) وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (53) وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ (54)

وقوله: (وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ) اختلف فيه:

قَالَ بَعْضُهُمْ: وذلك أنهم بعثوا بعثين قاصدين تخريب الكعبة، فلما بلغوا البيداء خسف أحدهما والآخر ينظر وينفلت منهم مخبر، فيحول وجهه في قفاه فيخبرهم بما لقوا؛ وذلك قوله: (وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا) من الخسف والعذاب (فَلَا فَوْتَ) عن عذاب الله (وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ).

أو من تحت أقدامهم يخسف بهم الأرض؛ وعلى ذلك يخرج قوله: (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ)، من تخريب الكعبة كما فعل بأشياعهم من قبل، وهم أصحاب الفيل؛ وعلى ذلك روي عن أم سلمة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " أنه يغزو هذا البيت جيش حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم، فلا ينفلت منهم إلا واحد يخبر عنهم "، قالت: يا رسول اللَّه، وإن كان فيهم المكرَه؟ قال رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " يبعثون على نياتهم ".

وقَالَ بَعْضُهُمْ: قوله: (وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ) وهو عند الموت يفزعون منه، ولا فوت لهم عنه، (وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ) أي: على المكان:

والحسن يقول: (فَزِعُوا) من القبور (فَلَا فَوْتَ) يقول: أخذوا عند ذلك وهو المكان القريب.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: ذلك عند القيامة يفزعون عند معاينتهم العذاب، وأفزعهم ذلك ولا يفوتون اللَّه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015