سُورَةُ سَبَإٍ
نزلت بمكة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قوله تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (1) يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (2)
قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (الْحَمْدُ لِلَّهِ).
قال أهل التأويل: حمد نفسه بما صنع إلى خلقه.
ثم هو يخرج على وجهين:
أحدهما: على التعليم لخلقه: الحمد له، والثناء عليه؛ لآلائه وإحسانه إلى خلقه: ما لولا تعليمه إياهم الحمد له والثناء عليه لم يعرفوا ذلك.
والثاني: حمد نفسه؛ لما لم ير في وسع الخلق القيام بغاية الحمد له والثناء عليه على آلائه وأياديه، فتولى ذلك بنفسه، وهو ما ذكر في قوله: (صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) فقالوا: قد عرفنا السلام عليك؛ فكيف الصلاة عليك؟ فقال: " أن تقولوا: اللهم صل على مُحَمَّد وعلى آل مُحَمَّد. . . " إلى آخره؛ فهذا تفويض الصلاة إلى اللَّه والدعاء له أن يصلي هو عليه دونهم؛ فهو - واللَّه أعلم - كأنه لم ير فيهم وسع القيام بحقيقة الصلاة عليه، ولا بغاية الثناء؛ فأمرهم أن يفوضوا ذلك إليه؛ ليكون هو القاضي لذلك عنهم؛ فعلى ذلك الحمد لله.
وأصل الحمد له: هو الثناء عليه بجميع محامده وإحسانه بأسمائه الحسنى، والشكر له على جميع نعمائه وآلائه.
وقوله: (الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ).
كأنه قال - واللَّه أعلم -: الحمد لله له ملك السماوات والأرض، وهو المستحق لذلك، لا الأصنام التي عبدتموها وسميتموها: آلهة.
وقوله: (وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ):
قَالَ بَعْضُهُمْ: (وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ)، أي: يحمد أهل الجنة إذا دخلوا الجنة؛ كقوله: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا)، وقوله: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ)، وقوله: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ)،