(26)

وقال أَبُو عَوْسَجَةَ: المقامة: المجلس، ومقامات - جمع المقام -: موضع القدمين، والمقام: الموضع الذي يقيم فيه الرجل.

وقال: (الْمُعَوِّقِينَ)، قال: المتعوق: المحتبس، والمعوق: الذي يعوق غيره، أي: يحبس.

وقوله: (أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ)، أي: حراضا على ما نالكم من الشر، الواحد: شحيح، يقال: شح يشح شحًّا؛ فهو شحيح، أي: حرص يحرص حرصا؛ فهو حريص.

وقال غيره: (أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ)، أي: بخلاء، لا ينفقون عليكم أو في سبيل اللَّه.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: (يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا)؛ من شدة الفرق؛ فهم هَؤُلَاءِ المعوقون: اليهود أو المنافقون، (وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزَابُ): والأحزاب: هم الفرق أعداء رسول الله وأصحابه، (يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ)، يقول: خارجون في الأعراب من الرهبة، (يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ): يسألون عن خبر المؤمنين ساعة بعد ساعة؛ جزعًا ورهبة، يقول اللَّه للمؤمنين: (وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ) أي: معكم عند القتال هَؤُلَاءِ الذين تقدم ذكرهم (مَا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا) رميا بالحجارة؛ من ضعفهم وفرقهم، أو ما ذكرنا؛ دفعًا عن أنفسهم، وأمَّا غيره فلا.

وقوله: (وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا (26)

ذكر في القصة: أن اليهود: يهود بني قريظة ظاهروا أبا سفيان وأصحابه على رسول الله وعلى المؤمنين، ونقضوا العهد الذي كان بينهم وبينه، فلما انهزم المشركون تحصن بنو قريظة في حصونهم، ورجع النبي إلى المدينة، فجاءه جبريل، فقال له: " يا مُحَمَّد، والله ما وضع أهل السماء أسلحتهم، وقد وضعتم أنتم أسلحتكم، اخرج إلى بني قريظة؛ فقال له النبي: " فكيف أصنع بهم وهم في حصنهم؟ " قال: اخرج إليهم؛ فواللَّه لأدقنهم بالخيل والرجال كما تدق البيضة على الصفا، ولأخرجنهم من حصنهم؛ فنادى رسول اللَّه، في الناس، وأمر بالخروج إلى بني قريظة؛ فخرجوا فحاصروهم كذا كذا ليلة؛ حتى صالحهم على حكم سعد بن معاذ؛ فنزلوا على حكمه؛ فحكم سعد؛ أن يقتل مقاتلتهم، ويُسبى ذراريهم ونساؤهم، فقيل: إن رسول اللَّه قال يومئذ: " يا سعد، لقد حكمت بحكم اللَّه "؛ فأخرجت المقاتلة فقتلوا، وسبوا ذراريهم، وقسم أرضهم بين المهاجرين؛ فقال قومه والأنصار: آثرت المهاجرين بالعقار دوننا، فقال: " إنكم ذوو عقار وإن القوم لا عقار لهم "، أو كلام نحو هذا، فذلك قوله: (وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ)، يعني:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015