كقوله: (وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ)، من المن، والسلوى، وتظليل الغمام، وامتداد اللباس على قدر القامة والطول.

كما قيل، إن ثيابهم كانت تزداد وتمتد عليهم على قدر ما تزداد قامتهم، وكانت لا تُبلَى عليهم ولا تتوسخ، وذلك مما لم يؤتِ أحدًا سواهم.

ويحتمل أيضا قوله: (نِعْمَتِيَ) أي: النجاة من فرعون وآله؛ كقوله: (وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ. .) الآية.

وقوله: (وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ).

قيل: فُضلوا على جميع من على وجه الأرض؛ على الدواب بالجوهر، وعلى الجن بالرسل، وعلى البشر بالإيمان.

ويَحْتمل تفضيلُهم على العالمين وجوهًا أيضا:

ما ذكرنا من بعث الأنبياء منهم.

والنجاة من أيدي العدو.

وإهلاك العدو وهم يرونه.

وفَرق البحر بهم، والنجاة منه، وإهلاك العدو فيه.

وذلك من أَعظم النعم: أَن ترى عدوَّك في الهلاك وأَنت بمعزل منه آمن.

وقوله: (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ) إلى قوله: (فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ).

يحتمل: فضَّل أَوائلهم.

وفي الآية وجهان على المعتزلة:

أَحدهما: قهوله: (اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ)، وعندهم: أَن جميع ما فعل مما عليه الفعل، ولو فعل غيره لكان يكون به جائزا، فإذا كان تركه بفعله جائزا ففعله حق عليه.

ولا أَحد يكون بفعل ما لا يجوز له الترك منعمًا على أَحد؛ فثبت أن كان ثَمَّ منه معنى زائدٌ خصهم به، وأَن ليس التخصيص محاباة كما زعمت المعتزلة، ولا ترك الإنعام بخلٌ كما قالوا.

والثاني: قوله: (فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ)، فلو لم يكن منه إليهم فضل معنى، لم يكن لهم ئفضيل على غيرهم؛ فثبت أن كان فيهم ذلك.

ومن قول المعتزلة: أَن ليس لله أَن يخص أَحدًا بشيء إلا باستحقاق يفعله، وبذلك هم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015