وذكر في الخبر أن نبي اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قال: " ليس بمؤمن حتى أكون أنا أحب إليه من نفسه وولده وأهله " أو كلام نحو هذا.
أو أن يكون [(أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ)]، في الآخرة بالشفاعة لهم، يشفع فينجون من النار به لا بأعمالهم، واللَّه أعلم. وذكر في بعض الحروف: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب لهم وأزواجه أمهاتهم): وهو حرف أبي وابن مسعود وابن عَبَّاسٍ، رضي اللَّه عنهم.
قوله: (وهو أب لهم) في الرحمة والشفقة، أو فيما يلزم من الطاعة والتعظيم والاحترام ونحوه.
وقوله: (وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ).
قال أهل التأويل: (وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ): في الحرمة؛ أي: لا يحل لهم أن يتزوجوهن أبدًا كالأمهات، ولكن يجب أن يكون ذلك بعد وفاته، فأمَّا في حياته إذا طلقهن فيجب أن يحللن لغيره؛ لأنه قال: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا. . .) الآية، ولو لم يحللن لغيره، لم يكن لما ذكر لهن من التمتيع والتسريح معنى، وهذه الحرمة يجب أن تكون بعد الموت، وهو ما قال: (وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا): إنما شرط هذا بعده؛ ليكن أزواجه في الآخرة.
أو أن يكون قوله: (وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ)، أي: حرمة أزواجه من بعده ومنزلتهن كمنزلة أمهاتهم؛ يستوجبن ذلك لحرمة رسول اللَّه ومنزلته قبلهم.
وأما الباطنية فإنهم يقولون: في قوله: (وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ) دلالة أنه ليس يريد به أزواج النبي؛ ألا ترى أنه يحل للناس نكاح أولادهن، ولو كن أمهات لم تحل؛ لأنهم يصيرون إخوة وأخوات؛ فإذا حل ذلك دل أنه ما ذكرنا، هذا قولهم.
لكن الجواب لذلك ما ذكرنا: أنه جائز أنه سمَّاهن: أمهات، أي: منزلتهن وحرمتهن كمنزلة الأمهات؛ لحرمة رسول اللَّه ومنزلته؛ وذلك جائز لأنه ذكر الشهداء أحياء عنده، وإن كانوا في الحقيقة موتى؛ لفضل الكرامة لهم والمنزلة عند اللَّه، فعلى ذلك ذِكرُ