إنما هو قول تقولونه بألسنتكم فيما بينكم.
(وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ):
إنهم ليسوا بأبنائكِم.
أو أن قوله: (وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ)، تأويله: (ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ (5): أعدل عند اللَّه، أي: انسبوهم إليهم إن علمتموهم.
(فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ).
قال بعض أهل التأويل: فانسبوهم إلى أبيهم من أسماء مواليكم أو إخوانكم أو ابن عمكم، مثل عبد اللَّه وعبيد اللَّه، وعبد الرحمن، وأشباه ذلك الأسماء وأسماء مواليكم.
أو أن يقول: قوله: (فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ)، أي: سموهم: إخوانا، وذلك أعظم في القلوب وآخَذُ من التسمية بالآباء والنسبة إليهم؛ وذلك أن الحاجة إلى معرفة الآباء والنسبة إليهم إنما تكون عند الكتابة والشهادة وعند الغيبة، فأما عند الحضرة فلا.
وقوله: (وَمَوَالِيكُمْ)، قَالَ بَعْضُهُمْ: نزل هذا في شأن زيد بن حارثة، وهو كان مولى رسول اللَّه، وكانوا يسمونه: زيد بن مُحَمَّد؛ فنهوا عن ذلك، فيقول: فإن لم تعلموا آباءهم فانسبوهم إلى مواليهم.
وجائز أن يكون قوله: (وَمَوَالِيكُمْ) من الولاية، كقوله: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ)، وقال: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ).
وقوله: (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ).
يقول - واللَّه أعلم -: ليس عليكم جناح بالنسبة إلى غير الآباء إذا كنتم مخطئين غير عارفين للآباء؛ إنما الجناح والحرج عليكم إذا كنتم عامدين لذلك عارفين لهم آباء؛ كأنه أباح التبني والتآخي فيما بينهم، ولم يبح النسبة إلى غير الآباء وإيجاب الحقوق فيما بينهم.
وكذلك روي في بعض الخبر أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - كان يؤاخي بين الرجلين، وإذا مات أحدهما ورثه الباقي منهما دون عصبته وأهله، فكان الزبير أخا عبد اللَّه بن مسعود، فمكثوا بذلك ما شاء اللَّه أن يمكثوا، حتى نزلت الآية.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ)، يقول: إذا دعوت الرجل