قيل: إن اليهود كانوا يصلون ولا يركعون؛ فأُمروا أن يصلوا لله ويركعوا فيها على ما يفعله المسلمون.
وقيل: إنَّهم كانوا يصلون وحدانا لغير اللَّه؛ فأُمروا بالصلاة مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وأَصحابه بالجماعة.
وفيه أمر بحضور الجماعة.
وقيل: (وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) أي: كونوا مع المصلينَ يعني المسلمين، ولا تخالفوهم في الدِّين والمذهب، أَي: اعتقادًا.
وقوله عَزَّ وَجَلَّ: (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ (44)
قيل فيه بوجوه:
قيل: (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ) يَعنى: الأَتباع والسفلة باتباعكم، وتعظيمكم لعلمكم، وتلاوتكم الكتاب، (وَتَنسَونَ أَنفُسَكُمْ) ولا تأْمرونها باتباع مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، وتعظيمه، لعلمه، ولنبوته، ولفضل منزلته عند اللَّه؟!
وقوله: (وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ).
أي: تجدون في كتابكم أنه كذلك.
وقوله: (أَفَلَا تَعْقِلُونَ).
أَن ذا لا يصحُّ؟!.
وقيل: (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ) يعني: الفقراءَ والضعفةَ بالإيمان بمُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، ولا تأمرون الأغنياء وأهلَ المروءَة بالإيمان به، لما تخافون فوت المأْكلة، والبر، وانقطاعه عنكم.
ويحتمل أن ذا الخطاب لهم ولجميع المسلمين، ألا يأْمر أحدٌ أحدًا بمعروف إلا ويأمر نفسه بمثلهِ، بل الواجب أَن يبدأ بنفسه، ثم بغيره، فذلك أنفع وأَسرع إلى القبول.
(أَفَلَا تَعْقِلُونَ) أَن ذلك في العقل لازم أن يجعل أول السعي في إصلاح نفسه، ثم الأمر لغيره. واللَّه أعلم.
وقوله: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ (45)
يحتمل وجوهًا:
يحتمل: أَن استعينوا بالصبر على ترك الرئاسة والمأكلة في الدنيا؛ لأَن الخطاب كان