بعد الموت؛ حيث قال: (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ. . .) الآية.
وفي قوله: (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ) وغيرها من الآيات ما ألزمهم من الآيات أنه لو لم يكن له إعادة وبعث كان خلقهم عبثًا باطلا، خارجًا عن الحكمة، والقدرة في ابتداء الإنشاء، إن لم تكن أكثر لا تكون دون الإعادة، فمن ملك وقدر على الابتداء كان على الإعادة أقدر؛ إذ إعادة الشيء عندكم أهون وأيسر من ابتداء إنشائه، على ما ذكر في قوله: (وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ).
وقوله: (ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) ذكر الإعادة والإحياء بعد الموت والرجوع إليه؛ لما ذكرنا أن المقصود في خلقهم في هذه الدنيا الإعادة والإحياء؛ لذلك سمى الإعادة: الرجوع إليه والمصير والبروز له، وإن كانوا في جميع الأحوال صائرين إليه، راجعين، بارزين له، خارجين.
وقوله: (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ (12) قَالَ بَعْضُهُمْ: الإبلاس: هو الإياس.
مبلسون: أي: يائسون في الآخرة عما كانوا يطمعون بعبادتهم تلك الأصنام والأوئان في هذه الدنيا؛ حيمث قالوا: (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى)، وقالوا: (هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤنَا عَندَ اللَّهِ) ونحوه؛ يقول: يائسون في الآخرة عما طمعوا بعبادتهم في الدنيا حين شهدوا عليهم، وكفروا بهم، وجعلوا يلعنون عليهم، ويتبرءون منهم.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: يائسون من كل خير.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: الإبلاس: هو الفضيحة أي: يفتضحون بما عملوا.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: المبلس: كل منقطع رجاؤه ساكت كالمتحير في أمره.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: أن مبلس: كل آيس حزين.
وقوله - تعالى -: (وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاءُ ... (13) هو ما ذكرنا: أن الأصنام التي عبدوها وسموها: آلهة لا تشفع لهم (وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ) يحتمل هذا وجهين: أي: الأصنام بهم كافرون.
أو هم يكفرون بالأصنام إذا لم يشفعوا لهم وصاروا شهداء عليهم.
أو كل يكفر بصاحبه؛ كقوله: (ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ