شرطًا فيه.

ثم مضى الأَمر من اللَّه تعالى لآدم وزوجته بالسُّكنى في الجنة، والمُقام فيها، وأَمْرهما بالتناول من جميع ما فيها إلا شجرة نُهِيا عن التناول منها، وأُمِرَا بالاجتناب عنها بقوله: (وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ) وذي صورةُ الممتحن أَن يُؤمر بشيء ويُنْهَى عن شيء.

وقوله: (وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ).

قوله: (رَغَدًا) أَي: سعَةً؛ يقال: أَرْغَد فلانٌ إذَا وشع عليه، وكثر مالهُ.

وقوله: (وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ).

أَي: لا تأْكلا.

دليله قوله: (وَكُلَا مِنْهَا)؛ ولأَنه بالقُربان ما يوصل إلى التناول. واللغةُ لا تَأْبى تسمية الشيء باسم سببه.

ثم اختُلف في تلك الشجرة:

فقَالَ بَعْضُهُمْ: هي شجرة العنب، ولذلك جعل للشيطان فيها حظًا لما عصيا ربهما بها.

وقيل: إنها كانت شجرة الحنطة؛ ولذلك جعل غذاءُ آدم وحواءَ - عليهما السلام - وغذاءُ أَولادهما منها إلى يوم القيامة ليُقاسوا جزاءَ العصيان والخلاف له.

وقيل: إنها شجرة العلم؛ لما علما من ظهور عورتهما، ولم يكونا يعلمان قبل ذلك، وهو قوله: (بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا)، واللَّه أعلم.

والقولُ في ماهيتها لا يجوز إلا من طريق الوحي. ولا وحي في تلاوتها. ولا يجوز القطعُ على شيء من ذلك.

ثم احتَمَل معنى النهي عن التناول منها وجوها:

أَحدها: إيثار الآخر عليه.

وقد يكون هذا أَن ينهى الرجل عن التناول من شيء إيثارًا لآخر عليه.

- ويحتمل: النهي عن التناول من الشيء لداء يكون فيه لما يخاف الضرر به، لا على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015