ثم قال لوط: (إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ (168) أي: من المبغضين، أي: كيف توعدونني بالإخراج، وإني لعملكم الذي تعملون من المبغضين؛ أكره المقام فيكم، وأبغض رؤية أعمالكم التي تعملون، فكيف توعدونني بالإخراج؟!.
ثم دعا فقال: (رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ (169) هذا يحتمل وجوهًا.
أحدها: رب نجني وأهلى من عذاب ما يعملون وجزائه.
أو أن يكون: رب نجني وأهلي من عمل ما يعملون من الخبائث؛ كقول إبراهيم: (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ).
أو أن يقول: رب نجني وأهلى عن رؤية ما يعملون ومعاقبته.
ثم قال: (فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (170) إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ (171) قد ذكرناه فيما تقدم.
وقوله: (وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (173) يحتمل أن يكون أمطر عليهم الحجارة بعدما قلبهم ظهرًا لبطن وبطنًا لظهر؛ كقوله: (جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً). وجائز أن يكون جعل عاليها سافلها بما أمطر عليهم من الحجارة.
وجائز أن يكون جعل القريات ومَن فيها عاليها سافلها، وأمطر على من كان غائبًا منهم الحجارة.
قال أَبُو عَوْسَجَةَ والْقُتَبِيّ: (مِنَ الْقَالِينَ) أي: من المبغضين، يقال: قليت الرجل إذا أبغضته، ومن ذلك قوله: (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى)، والغابر: الباقي.
* * *
قوله تعالى: (كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ (176) إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ (177) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (178) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (179) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (180) أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ (181) وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ (182) وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (183) وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ (184) قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (185) وَمَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (186) فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (187) قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ (188) فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (189) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (190) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (191)
وقوله: (كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ): الأيكة: قَالَ بَعْضُهُمْ: هي شجرة نسبوا إليها.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: الأيكة: الغيضة.
(إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ (177) قال بعض أهل التأويل: وإنما لم يقل هاهنا في شعيب أخوهم؛ لأن شعيبًا لم يكن من نسلهم - أعني: من نسل أصحاب الأيكة - لذلك لم