مما لا يُحتَمل لأَحدٍ دون اللَّه؛ فنهي عنه لذلك -وإن لم يكن بنفسه عبادة للمسجود له في الحقيقة- كما نُهي عن أَشياء بما يتصل بها من الوحشة، وإن لم يكن ذلك في الحقيقة مُحْتَملًا له، فكذلك الأَمر الأَول، كما نُهي عن سبِّ من يُعْبَد من دون اللَّه خَوْفًا لسبِّ اللَّه، ويؤمر بأُمور ليست -بنفسها- بقُربةٍ ليتوصل بها إلى القُربة، كالسعي إلى الحج والجمعة، ونحو ذلك.
وفيه أَن السُّنَّة تنسخ الكتابَ؛ لأَن السجود لآدم عليه السلام في الكتاب، ومثله السجود ليوسف، ثم نهى رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - عن ذلك فحرم؛ فدل أن السنة تنسخ الكتاب.
وقولُ الملائِكة: (سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ).
يُشْبه أَن يكون السابقُ إلى وهمهم مُنًى، أَو خَطَرَ فِعلِ ما كان باللَّه خرج من أَن يعقلوا حكمته؛ إفَا بما لم يبلغهم العلم بها، أَو يخطر ببالهم أَنه تعالى كيف يأْمرهم، وهو يعلم أنهم لا يعلمون بها، أو خطرَ ببالهم من غير تحقيق ذلك، ولكن على ما يُبْلَى به الأَخيارُ؛ كقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى. . .) الآية.
أو كما لا يخلو به الممتَحَنُ عن الخواطر التي تبلغ المحنةُ بهم المجاهدةَ بها في دفعها، وإن لم يكن لهم بما يخطر ببالهم صُنْع.
فقالوا: (سُبْحَانَكَ)؛ نزهوا عَما خطر ببالهم، وسبق إلى وهمهم.
ووصفوا بأَنه (عَليِم): لا يخفى عليه شيء.
(حَكِيم): لا يخطئ في شيء، ولا يخرجُ فعلهُ عن الحكمة، وباللَّه التوفيق والعصمة.
وفي الآية منعُ التكلم في الشيء إلا بعد العلم به، والفزع به إلى اللَّه عن القول به إلا بعلم، وهذا هو الحق الذي يلزم كل من عرف اللَّه.
وبه أَمر اللَّه تعالى نبيهُ عليه الصلاة والسلام فقال: (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ. . .).
وسُئل أبو حَنيفة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عن الإرجاءِ ما بدؤُه؟ فقال: فعل الملائكة إذا