(36)

(37)

أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا) أي: عونا وعضدا؛ كقوله: وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي)؛ لأنه سأل ربه المعونة له والإشراك في أمره، وقال: (فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي).

وقال الزجاج: الوزير هو الذي يلجأ إليه في النوائب ويعتصم بأمره؛ وهو واحد.

وقوله: (فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا (36) أي: أهلكناهم إهلاكا.

وقوله: (وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ ... (37) جائز أن يكون قوله: (لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ) نوحًا خاصة؛ لأنه ذكر قوم نوح، فإن كان ذلك، ففيه دلالة جواز تسمية الواحد باسم الجماعة.

وجائز أن يكون نوح دعاهم إلى الإيمان وتصديق الرسل، فكذبوه وكذبوا الرسل جميعًا، واللَّه أعلم.

وقوله: (أَغْرَقْنَاهُمْ): لم يغرقهم على أثر تكذيبهم إياه، ولكن إنما أغرقهم بعدما دعاهم ألف سنة إلا خمسين عامًا.

وقوله: (وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً): يحتمل قوله: (وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً) أي: آية للمكذبين والمصدقين، لما بين حكمه في المكذبين منهم: الإهلاك والاستئصال، وفي المصدقين منهم: النجاة والخلاص منه، فذلك آية لكل مكذب ومصدق؛ لما إليه يئول عاقبة أمرهم: عاقبة المكذبين: الإهلاك، وعاقبة المصدقين: النجاة.

فَإِنْ قِيلَ: إنهم جميعًا قد هلكوا المصدقون منهم والمكذبون، قيل: أهلك المكذبون منهم إهلاك عقوبة وتعذيب، والمصدقون هلاكهم بانقضاء آجالهم لا هلاك عقوبة.

ثم ذكر: (وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً) فمعنى جعل أنفسهم آية ما ذكرنا.

وقال في آية أخرى: (وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ) أي: السفينة.

قَالَ بَعْضُهُمْ: جعل السفينة آية؛ لأن من طبع السفن أنها إذا امتدت الأوقات وطال الزمان أنها تفسد وتتلاشى، وهي بعد باقية كما هي -أعني: سفينة نوح- لكن ذلك لا يعلم أنه كما ذكر أو لا، فالوجه فيه ما ذكرنا.

وقوله: (وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا): هكذا جزاء كل ظالم -ظلم كفر وشرك- أن يعد له العذاب الأليم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015