(26)

(27)

وصف مرة بالهباء المنثور، ومرة كالعهن المنفوش، ومرة كثيبًا مهيلا، ومرة قال: (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً) الآية، ونحوه من الأوصاف التي وصفها، وذلك في أوقات مختلفة، تكون في كل وقت على حال ووصف الذي وصف؛ فعلى ذلك السماء لشدة هول ذلك اليوم وفزعه.

وقوله: (تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ) أي: تنشق عن الغمام فتبقى بلا غمام؛ كقوله: (وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ).

وجائز أن يكون قوله: (تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ) أي: يبقى الغمام فوق رءوس الخلائق يظلهم، وهذا يدل أن قوله: (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ) إنما معناه: بظلل من الغمام؛ فإن كان على هذا فيرتفع الاشتباه، واللَّه أعلم.

وقوله: (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا (26) يحتمل إضافة ملك ذلك اليوم إليه، وإن كان الملك له في جميع الأيام في الدنيا والآخرة - وجوهًا:

أحدها: لما أن ملك الآحنرة ملك دائم باق بلا فناء له، وملك الدنيا جعله فانيا لا دوام ولا بقاء له.

والثاني: لما يقر له جميع الخلائق بالملك له في ذلك اليوم، وإن لم يقر له البعض بملك الدنيا.

والثالث: لما لا ينازعه أحد في ملك ذلك اليوم، وإن كان له منازع في الدنيا.

أو أن يكون المقصود بخلق هذا العالم في ذلك اليوم يظهر للخلق، ويومئذ يعلم كل أن خلقهم في الدنيا لذلك اليوم كان، لا للدنيا خاصة.

وقوله: (لِلرَّحْمَنِ): ذكر هنا الرحمن، وقال في آية أخرى: (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ)؛ لتعلم العرب أن الرحمن المذكور في هذه الآية هو اللَّه الذي لا إله إلا هو ذكر في تلك الآية؛ لأن العرب تسمي وتعرف كل معبود: إلها، ولا تعرف الرحمن معبودا ولا تسميه الرحمن، فعرفهم أن اللَّه والرحمن اللذين ذكرهما واحد.

وقوله: (وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا): ظاهر لا شك فيه فكذلك يكون.

وقوله: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) قال بعض أهل التأويل: نزلت الآية في عقبة بن أبي معيط؛ كان يؤاخي رسول الله ويواده، وكان رسول اللَّه يجيبه إذا دعاه إلى طعامه، فدعا يوما رسول اللَّه إلى طعامه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015