(64)

قَالَ بَعْضُهُمْ: يعني: المنافقين إذا كانوا في أمر جامع فيسمعون رسول اللَّه يذكر مثالبهم ومساوئهم وعيوبهم فيتسللون كراهية لذلك، ويلوذ بعضهم ببعض.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: نزل هذا في المنافقين الذين كانوا يذهبون عنه ويخرجون من عنده بغير استئذان.

وقوله: (لِوَاذًا) أي: يستترون بالشيء، ويلوذ بعضهم ببعض، ويستتر بعضهم ببعض ويخرجون.

وقوله: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ) يحتمل قوله: (يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ) أي: يخالفون أمره، وحرف " عن " يكون صلة فيه.

وجائز أن يكون على ظاهر ما ذكر: (يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ): فإن كان على هذا فكأنه قال: (يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ) أي: يعدلون عن أمره ويزيغون عنه؛ كقوله: (وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ.

وقوله: (أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ) يحتمل: الفتنة: الكفر.

ويحتمل الفتنة: القتال والتعذيب في الدنيا، أو يصيبهم العذاب في الآخرة، والله أعلم.

وقوله: (أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (64) ليس هاهنا ما يستقيم أن يجعل قوله: (أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) صلة له، اللهم إلا أن يجعل ذلك صلة قوله: من يجعل له الولد والشريك.

- أو صلة قوله: (مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) أي: أن من له ما في السماوات والأرض لا يحتمل أن تقع الحاجة له إلى الولد أو الشريك.

أو من له ملك ما في السماوات والأرض يختار لرسالته من يشاء بشرًا أو ملكًا، ليس لأحد القول في ذلك، واللَّه أعلم.

وقوله: (قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ) هذا وعيد منه وإعلام أنه مراقبهم مطلع عليهم في جميع أحوالهم؛ ليكونوا أبدًا على حذر؛ لأن من علم أن عليه رقيبًا وحافظًا، كان أنبه وأيقظ وأحذر ممن لم يعلم ذلك.

أو أن يكون على علم بأحوالكم وما أنتم عليه من الخلاف لأمره خلقكم، أو أرسل إليكم رسولًا لا على جهل بذلك وغفلة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015