وعلى عباد اللَّه الصالحين، وعلى ذلك رويت الأخبار: " من دخل بيتًا أو مسجدًا ليس فيه أحد فليقل: السلام علينا من ربنا، والسلام على عباد اللَّه الصالحين "؛ وعلى ذلك جائز أن يكون قوله: (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) بترك الإنفاق عليها وغيره، وكذلك قوله: (لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) وجائز أن يريد بالأنفس: أهلهم؛ أي: سلموا على أهليكم، وهو الأولى.
ثم اختلف في السلام: قَالَ بَعْضُهُمْ: السلام: من السلامة؛ أي: عليك السلامة من جميع الآفات والنكبات.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: السلام هو اسم من أسماء اللَّه؛ فتأويله: عليك اسم اللَّه الذي لا يضرك معه شيء، ولا يلحقك به أذى، وفي الخبر: " باسم اللَّه الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء ".
وقوله: (تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) التحية كأنها الكرامة، كأنه قال: كرامة من اللَّه لكم.
وقوله: (مُبَارَكَةً) المبارك: هو الذي ينال به كل خير وبرّ.
أو أن تسمي مباركة؛ لما بها ينمو الشيء ويزكو وقوله: (طَيِّبَةً) أي: يستطيب بها كل أحد.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: طيبة: أي: حسنة، فتأويله: ما يستحسن به كل أحد.
وقَالَ بَعْضُهُمْ قوله: (تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) يقول: تحية من أمر اللَّه لكم، مباركة بالأجر، طيبة بالمغفرة، واللَّه أعلم.
وقوله: (كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ) أي: مثل الذين يبين اللَّه (لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) أي: كي تعقلوا ما لكم وما عليكم، وما لله عليكم، وما لبعضكم على بعض.
وقوله (بُيُوتِكُم): ما ذكرنا.
قَالَ بَعْضُهُمْ: المساجد.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: البيوت المسكونة؛ كقوله: (لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ).