لكن لا حاجة لنا إلى أن نتعرف أنها نزلت في شأن فلان أو فلان، أو في أمر فلان وسببه، سوى أن نتعرف المودع فيها وما ذكر من أنواع الآداب والأحكام.

ثم خاطب بالاستئذان المستأذن عليه لا المستأذن والسادات والآباء ومن يعول الصغار حيث قال: (لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ) وذلك الخطاب - والله أعلم - يخرج مخرج الأمر للآباء والسادات بتعليم صبيانهم أمور الدِّين والقيام بما يحتاجون إليه، والتأديب على ذلك إن أبت أنفسهم، وكذلك ما روي عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - حيث قال: " مروا صبيانكم بالصلاة إذا بلغوا سبعًا، واضربوهم عليها إذا بلغوا عشرًا، وفرقوا بينهم في المضاجع " خاطب به الآباء والأولياء أن يأمروهم بأمور الدِّين أمر عادة، والتعليم لهم والتأديب إن امتنعوا عن ذلك، ولم يخاطبهم في أنفسهم لجهلهم وقلة معرفتهم بأمرهم، وإذا بلغوا وعرفوا النهي والأمر، فعند ذلك خاطبهم بأنفسهم بالاستئذان؛ حيث قال: (وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا) خاطبهم إذا بلغوا، وأمرهم بالاستئذان في أنفسهم، وما داموا صغارًا خاطب به الآباء والأولياء لما لا يجري عليهم القلم، وليس الخطاب والأمر والنهي إلا لجرية القلم عليهم، وترك الأمر والخطاب لرفع القلم عنهم.

وأمَّا أمر الآباء لهم بذلك فيخرج مخرج الشفقة لهم عليهم والقيام لبعض مصالحهم، وذلك جائِز.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015